سورة القصص
١ ـ قوله تعالى
: (وَأَوْحَيْنا إِلى
أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ..) [القصص : ٧] الآية.
هي من معجزات
الإيجاز ، لاشتمالها على أمرين ، ونهيين ، وخبرين متضمنين بشارتين ، في أسهل نظم ،
وأسلس لفظ ، وأوجز عبارة.
فإن قلت : ما
فائدة وحي الله تعالى إلى أم موسى بإرضاعه ، مع أنها ترضعه طبعا وإن لم تؤمر بذلك؟
قلت : أمرها
بإرضاعه ليألف لبنها ، فلا يقبل ثدي غيرها بعد وقوعه في يد فرعون ، فلو لم يأمرها
به ، ربّما كانت تسترضع له مرضعة ، فيفوت المقصود.
٢ ـ قوله تعالى
: (فَإِذا خِفْتِ
عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي ..)
[القصص : ٧].
إن قلت : جواب
الشرط يجامعه ، وجوابه هنا الإلقاء وعدم الخوف ، فكلّ منهما يجامعه : فيصدق بقوله
: فإذا خفت عليه فلا تخافي عليه ، وذلك تناقض؟
قلت : معناه
فإذا خفت عليه القتل ، فألقيه في اليمّ ولا تخافي عليه الغرق ، فلا تناقض.
فإن قلت : ما
الفرق بين الخوف والحزن ، حتى عطف أحدهما على الآخر في الآية؟
قلت : الخوف
غمّ يصيب الإنسان ، لأمر يتوقعه في المستقبل ، والحزن : غمّ يصيبه لأمر وقع ومضى.
٣ ـ قوله تعالى
: (فَوَكَزَهُ مُوسى
فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ
مُبِينٌ) [القصص : ١٥].
إن قلت : كيف
جعل موسى قتله القبطيّ الكافر من عمل الشيطان ، وسمّاه ظلما لنفسه واستغفر منه؟
قلت : أما جعله
من عمل الشيطان ، فلكونه كان الأولى له تأخير قتله إلى زمن آخر ، فلما عجّله ترك
المندوب ، فجعله من عمل الشيطان.
وأمّا تسميته
ظلما فمن حيث إنه حرم نفسه الثواب بترك المندوب ، أو من