سمى بعض القرآن قرآنا في قوله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ) [الإسراء : ١٠٦].
١٨ ـ قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) [الإسراء : ٥٦].
قاله هنا بالضمير لقرب مرجعه ، وهو الرب في قوله : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ.)
وقال في سبأ : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) بالاسم الظاهر ، لبعد مرجع الضمير لو أتي به ، والمراد فيهما : قل ادعوا الذين زعمتموهم آلهة من دون الله أي غيره لينفعوكم بزعمكم.
فإن قلت : كيف قال (مِنْ دُونِهِ) مع أن المشركين ما زعموا غير الله إلها دون الله ، بل مع الله على وجه الشركة؟
قلت : في الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : قل ادعوا الذين من دون الله زعمتم أنهم شركاء.
١٩ ـ قوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ..) [الإسراء : ٥٩].
أي وما منعنا أن نرسل رسولا ، بالآيات التي اقترحها أهل مكة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، كجعل الصفا ذهبا ، وإزالة جبال مكة ليزرعوا ، إلا تكذيب الأولين بها أي بآيات اقترحوها على رسلهم لما أرسلناهم فأهلكناهم ، ولو أرسلناها إلى هؤلاء لكذبوا بها واستحقوا الإهلاك ، وقد حكمنا بإمهالهم ليتم أمر النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولأنا لا نعجل بالعقوبة.
فإن قلت : كيف قال (وَما مَنَعَنا) إلخ مع أنه تعالى لا يمنعه عن إرادته مانع؟
قلت : المنع هنا مجاز عن الترك ، كأنه قال : وما كان سبب ترك الإرسال بالآيات ، إلا تكذيب الأولين.
٢٠ ـ قوله تعالى : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ..) [الإسراء : ٥٩].
أي دالة كما يقال : الدليل مرشد وهاد.
فإن قلت : ما وجه ارتباط هذا بما قبله؟
قلت : لمّا أخبر بأن الأولين كذبوا بالآيات المقترحة ، عيّن منها" ناقة صالح" لأن آثار ديارهم الهالكة باقية في بلاد العرب ، قريبة من حدودهم ، يبصرها صادرهم وواردهم.