قال بعضهم : أو إنّ الرسول إنما يحتاج إلى معجزة ، إذا كان صاحب شريعة ، لتنقاد أمته إليها ، إذ في كل شريعة أحكام غير معقولة ، فيحتاج الرسول الآتي بها إلى معجزة ، تشهد بصحة صدقه ، وهود لم يكن له شريعة ، وإنّما كان يأمر بالعقل ، فلا يحتاج إلى معجزة ، لأنّ الناس ينقادون إلى ما يأمرهم به ، لموافقته للعقل.
والمعتمد الجواب الأول ، ولا يلزم من عدم إظهاره ، معجزة ، عدمها في نفس الأمر ، فقد قال صلىاللهعليهوسلم : " ما من نبيّ إلّا وقد أوتي من الآيات ، ما مثله آمن عليه البشر .." (١).
وقولهم : (ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) كقول غيرهم : (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) [المؤمنون : ٢٥] ، و (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) [الأعراف : ١٠٩].
١٣ ـ قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) [هود : ٥٨].
قاله في قصة هود وشعيب بالواو ، وفي قصة صالح ولوط بالفاء ، لأن العذاب في قصة الأوّلين تأخّر عن وقت الوعيد ، فناسب الإتيان بالواو ، وفي قصّة الأخيرين وقع العذاب عقب الوعيد ، فناسب الإتيان بالفاء ، الدّالة على التعقيب.
١٤ ـ قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ..) [هود : ٥٧] الآية.
جواب الشرط محذوف ، إذ الإبلاغ ليس هو الجواب ، لتقدّمه على تولّيهم ، وإنما هو متعلّق الجواب ، والتقدير : فقل لهم : قد أبلغتكم.
١٥ ـ قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) [هود : ٥٨].
كرّر التنجية ، لأنّ المراد بالأولى : تنجيتهم من عذاب الدنيا ، الذي نزل بقوم هود ، وهي" سموم" أرسلها الله عليهم ، فقطّعتهم عضوا عضوا.
وبالثانية : تنجيتهم من عذاب الآخرة ، الذي استحقّه قوم هود بالكفر.
١٦ ـ قوله تعالى : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ ..) [هود : ٦٠] الآية.
__________________
(١) أخرجه البخاري ومسلم.