«صوموا تصحوا» (٣٩٥).
ب ـ الآثار النفسية والخلقية :
إن الصوم أفضل وسيلة لتهذيب النفس وتحسين الخلق ، لأنه يجعل الإنسان في عبادة مستمرة معظم الوقت الذي يكون فيه مستيقظا. وهو يؤدي إلى إضعاف الشهوات واجتناب المحرمات ، لأن الذي يمتنع عن الطعام والشراب وهما أمامه ، لا يأكل أموال الناس بالباطل ولا يعتدي عليهم. ويمنع الصوم من اللغو في الكلام ومن البذاء في اللسان.
قال صلىاللهعليهوسلم : «الصيام جنة. فلا يرفث ولا يجهل. وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل : إني صائم ، إني صائم» (٣٩٦).
أي إن صومه يمنعه من الشتم والخصام ، ويقيه الشرور والآثام كما يمنع الصوم الوقوع في الفواحش ، ويعين على العفة. ولهذا أوصى الرسول صلىاللهعليهوسلم الشباب الذين لا يجدون نفقات الزواج بالصوم ، وبين أنه يقيهم من الانزلاق في الحرام ، فقال :
«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (٣٩٧) فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له به وجاء (٣٩٨)».
فالصوم وسيلة للتقوى ، تجعل الإنسان يفعل ما أمره به الله ، ويترك ما نهاه عنه ، ويخشاه ويطلب مرضاته ، ولهذا فرضه الله على كل الأمم ، وجعله كفارة لكثير من الذنوب كالقتل خطأ والظهار والحنث في اليمين ، والصيد أثناء الإحرام. فهذا يدل على أن الصوم يجعل النفس رقيقة مهذبة ، لا تدفع إلى فعل شيء غير مشروع.
أما الذي لا يكف عن الكذب والغيبة والنميمة وأكل الحرام والعدوان على الناس فلا يعتبر صائما بالمعنى الحقيقي ، ولا يؤجر على صومه.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش» (٣٩٩).
وقال : «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (٤٠٠).
ثم إن الصوم يؤدي إلى سمو الإنسان ، وترفعه فوق شهواته وحاجاته المادية ، ويجعله شبيها بالملائكة في الاستغناء عن الطعام والشراب وعدم معصية الله في شيء كما يعلم الصوم الصبر والنظام ، فالذي يصبر على الجوع والعطش يصبر على الصعاب ، ويتحمل المشاق : والذي لا يتناول الطعام والشراب إلا في أوقات محددة ، يتعلم أن يقوم بأعماله كلها في حينها.