لا مسبوقية الا فيها ، فلا يكون العدم علة لعدم آخر ، ولا الوجود علة للعدم ، ولا العدم علة للوجود ، لان العدم باطل الذات ، وهالك الذات ، ولا شيئية محضة ، فكيف يؤثر في غيره ، أو يتأثر عن غيره ، أو يكون سابقا أو لاحقا ، مع أن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، وما يرى من تخلل الفاء بين الاعدام ، أو بينها وبين الوجودات ـ على غرار تخللها بين نفس الوجودات ـ فانما هو بنوع من التقريب والمجاز على ما قرر في محله.
ثم انه اما أن يقال بعدم امكان تعلق الاوامر بالاعدام ـ باعتبار أنها لا تؤثر ولا تتأثر ، فيكون المطلوب ومتعلق الارادة النفسانية في الاوامر : الفعل ، كما ان المكروه ومتعلق الكراهة في النواهي : الفعل ، كما ذهب اليه السيد الوالد دام ظله في «الاصول» ـ.
أو يقال : بامكان تعلقها بالاعدام كامكان تعلقها بالوجودات ـ باعتباران الامر ناشئ عن قيام مصلحة الزامية في متعلقه ، كما أن النهي ناشئ عن قيام مفسدة الزامية في متعلقه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المتعلق فعل الشيء أو تركه : كالامر بالصوم الناشئ عن قيام مصلحة ملزمة في التروك المعهودة ، ولذا يقال الصوم واجب ولا يقال ان فعل المفطرات محرم ، على ما في «المحاضرات» ـ.
(فعلى الاول) يقرر الجواب :
بأن تقدم الامر المتعلق بالمهم على طاعته ـ التي يجب أن تكون حيثية وجودية حسب هذا المبنى ـ لا يستلزم تقدمه على نقيضها العدمي ، لما ذكر من أن السبق واللحوق لا مسرح له الا في الوجودات. مع أن اطلاق كون الطاعة في رتبة متأخرة عن ذات الامر محل تأمل ، فان الوجود الامكاني تابع ـ في حدوثه وبقاءه ـ لعلله الخاصة التي بها وجوده يجب ، والامر وان أمكن أن يكون علة ـ على ما في النهاية ـ أو جزء علة ـ على ما هو الاصح ـ للطاعة إلّا أنه يمكن أن تكون العلة غيره