رسمياً للسنّة في جميع الأقطار ، وقلّ من يتخلّف عنه ، وهو مستمر إلى العصر الحاضر.
يقول تقي الدين أبو العباس المقريزي ( المتوفى عام ٨٤٥ هـ ) بعد سرد عقائده إجمالاً : فهذه جملة في أُصول عقيدته التي عليها الآن جماهير أهل الأمصار الإسلامية ، والتي من جهر بخلافها أُريق دمه. (١)
ولأجل هذه الشهرة نرى أصحاب المذاهب يتجاذبونه إلى مذاهبهم. فالشافعية تقول : إنّه كان شافعياً ، والمالكية تقول : إنّه كان مالكياً. وبما أنّه نشأ في العراق فالظاهر أنّه نشأ على مذهب أبي حنيفة ، وإنّما هو رجع عن الاعتزال الذي هو مذهب كلامي ، ولم يرجع عن مذهب فقهي. ولكن الظاهر من مقدمة كتاب هـ الإبانة ـ أنّه كان على مذهب إمام الحنابلة. وقال الكوثري : إنّ الغاية من هذه المظاهرة هو النفوذ في الحشوية ليتدرج بهم إلى معتقد أهل السنّة.
وعلى كلّ تقدير فلم يعلم مذهبه الفقهي على وجه التحقيق.
هذا والخدمة التي قام بها الأشعري في مقابلة المجسّمة والمشبّهة وأصحاب البدع واليهودية والمسيحيّة خدمة نسبية لا تنكر ، غير أنّ الذي يؤسف المسلم الغيور هو : أن نرى متزمتة الوهابية وبعض رجال الإصلاح في هذا العصر داعين إلى مذهب الحشوية باسم السلفية مقلّدين في كلّ ما يذكره شيخهم ابن تيمية الذي يقول عند الكلام في الاستواء : ولو شاء الله لاستقرّ على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته فكيف على عرش عظيم (٢) وتلميذه المعروف بابن القيم الذي يفسر المقام المحمود في قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُودا) (٣) بإقعاد الرسول على العرش. (٤)
ــــــــــــــــــ
١ ـ الخطط المقريزية : ٢/٣٦٠ ، ط مصر.
٢ ـ لاحظ تعليقة التبيين : ٣٩٣.
٣ ـ الإسراء : ٧٩.
٤ ـ بدائع الفوائد : ٤/٣٩.