السيوطي بكامله فقال : «قلت : وأولى ما يرجع إليه في ذلك ما ثبت عن ابن عباس وأصحابه الآخذين عنه ، فإنه ورد عنهم ما يستوعب تفسير غريب القرآن بالأسانيد الثابتة الصحيحة. وها أنا أسوق ما ورد من ذلك عن ابن عباس عن طريق ابن أبي طلحة خاصة فإنها من أصح الطرق عنه ، وعليها اعتمد البخاري في صحيحه ، مرتبا على السور» (١).
وليس غريبا أن يردنا أول ما يردنا ما ذكره ابن عباس ، فقد نشأ في بيت النبوة ولازم النبي صلىاللهعليهوسلم ولازم صحابته بعد وفاته ، وكان ذا ذهن وقّاد وذكاء لامع ، ويكفي أن نذكر أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قد دعا له فقال : «اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل» وابن عباس هو «الحبر البحر» قال في شأنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «ذاكم فتى الكهول ، إن له لسانا سؤولا وقلبا عقولا» وقال فيه ابن مسعود رضي الله عنه «نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس» وحدث ابن عمر فقال : «ابن عباس أعلم أمّة محمد بما نزل على محمد» وأثنى عليّ كرم الله وجهه على تفسيره فقال : «كأنّما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق» (٢).
ولا بد من ذكر مسائل نافع ابن الأزرق التي كان ابن عباس يجيب عنها مدللا على صحتها بأبيات من الشعر. فقد ذكر السيوطي هذه المسائل (٣) فقال : «بينا ابن عباس جالس بفناء الكعبة قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن ، قال نافع ابن الأزرق لأحد جلسائه : «قم بنا إلى هذا الذي يجترىء على تفسير القرآن بما لا علم له به ، فقاما إليه فقالا : إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصادقه من كلام العرب ، فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين ، فقال ابن عباس : سلاني عما بدا
__________________
(١) السيوطي ـ الإتقان ١ / ١٥٠.
(٢) الذهبي ـ التفسير والمفسرون ١ / ٦٥ ـ ٦٧.
(٣) السيوطي ـ الإتقان ١ / ١٥٨ ـ ١٧٢.