التأنيث فى حالة الوقف نحو : ضاربة وذاهبة وهذا إنما يكون فى الشعر لا فى الكلام.
قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ) (١٤٦).
كأين ، بمنزلة (كم) فى الدلالة على العدد الكثير ، وأصلها (أى) أدخلت عليها كاف التشبيه ، وخلع عنها معنى التشبيه ، وأثبت (١) فى كتابتها بعد الياء (نون) لأنها غيّرت عن أصلها ، ووقف عليها بالنون إتباعا للمصحف ، وروى عن أبى عمرو ابن العلاء أنه وقف بغير نون على الأصل ، ومن قرأ ، كائن على لفظ فاعل فهو مقلوب من (كأى) وذلك أنه أخر الهمزة التى هى فاء الفعل فصار (كيّأ) على وزن (كعلف) ثم خفف الياء المشددة كما خفف ميّت وسيّد وجيّد ، فصار بعد التخفيف (كيأ) على وزن (كعف) لأن الياء عين ، والهمزة فاء ، ثم قلبت الياء ألفا كما قالوا فى طىّ طاىّ ، وفى حيرة حارىّ والياء المحذوفة هى الثانية التى هى لام ، وكان حذفها أولى من الأولى التى هى عين ، وإن كانت ساكنة ، والساكن أضعف لأن الحذف إلى الطرف الأخير أسرع ، لأن الأخير معدن التغيير ، ألا ترى إلى كثرته فى نحو ، يد وغد ودم. وقلته فى نحو ، منذ. ولهذا قلنا ، إن وزنه كعف ولم نقل : كلف.
وقيل : قدمت إحدى الياءين من كأىّ على الهمزة فتحركت بالفتح كما كانت الهمزة وصارت الهمزة ساكنة فى موضع الياء المتقدمة ، فلما تحركت وانفتح ما قبلها قلبوها ألفا ، والألف ساكنة وبعدها همزة ساكنة فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين وبقيت إحدى الياءين طرفا فحذفت للتنوين بعد حذف حركتها طلبا للتخفيف كما تحذف ياء قاض ورام ، وأكثر ما تستعمل (كأىّ) مع (من) كقوله تعالى :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها)(٢).
__________________
(١) (زيدت) فى ب.
(٢) سورة الطلاق ٨.