كذلك وضع طريقة واضحة ومبادئ فى أدب المناظرة والحدل فى كتابه (الإغراب فى جدل الإعراب).
مؤلفاته :
كانت الحقبة التى عمل فيها مدرسا بالنظامية من أخصب الحقب إنتاجا فى حياته ، ففيها ألف أول كتاب فى نوعه ، وهو كتاب (الإنصاف فى مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين) وقد ألفه لكبار المشتغلين عليه ، جمع فيه جل مسائل الخلاف ، وصورها على نمط جديد فى التأليف لم يألفه الناس من قبل ، فراج ذلك الكتاب وشغف به المتعلمون وكثر الانتفاع به ، وقد أثبت ذلك فى مقدمة الكتاب إذ قال : «وبعد فإن جماعة من الفقهاء المتأدبين والأدباء المتفقهين المشتغلين علىّ بعلم العربية بالمدرسة النظامية ـ عمر الله مبانيها ورحم بانيها ـ سألونى أن ألخص لهم كتابا لطيفا يشتمل على مشاهير المسائل الخلافية بين نحويى البصرة والكوفة على ترتيب المسائل الخلافية بين الشافعى وأبى حنيفة ، ليكون أول كتاب صنف فى علم العربية على هذا الترتيب ، وألف على هذا الأسلوب ، لأنه ترتيب لم يصنف عليه أحد من الخلف ، فتوخيت إجابتهم على وفق مسألتهم ، وتحرّيت إسعافهم لتحقيق طلبتهم ، وفتحت فى ذلك الطريق ، ذكرت من مذهب كل فريق ما اعتمد عليه أهل التحقيق واعتمدت فى النصرة على ما أذهب إليه من مذهب أهل الكوفة أو البصرة على سبيل الإنصاف لا التعصب والإسراف» (١).
وألف الشيخ كتابا آخر فى النحو ، سار فى ترتيبه على النمط المعروف ، فبوّب النحو فى صورة أسئلة يلقيها ويجيب عليها ، ولكنه اتّبع منهجه الخاص به الفريد فى نوعه ، حيث أخذ يعلل الظواهر النحوية ويبين وجوه الخلاف ويلخصها تلخيصا موجزا لا يمل منه القارئ. ثم يحيل التفصيل فى الخلاف على كتابه (الإنصاف).
لقد تعمق ابن الأنبارى فى فلسفة النحو فى (الإنصاف) ، وقرب هذه الفلسفة للأذهان ووضحها فى (أسرار العربية) متوخيا التسهيل والإيجاز ، يقول فى مقدمة أسرار العربية :
«وبعد فقد ذكرت فى هذا الكتاب الموسوم (بأسرار العربية) كثيرا من مذاهب النحويين المتقدمين والمتأخرين من البصريين والكوفيين وصحّحت ما ذهبت إليه منها
__________________
(١) مقدمة الإنصاف ٣ ـ ١.