المدلول وذكر
طائفة من الذين ألفوا وصنفوا فيه (أي الغريب) ، وذكر من أحسنها كتاب : "
المفردات" للراغب الأصفهاني ، وهو يتصيد المعاني من السياق ؛ لأن مدلولات
الألفاظ خاصة ، ويحتاج الكاشف عن ذلك إلى معرفة علم اللغة ، اسما وفعلا وحرفا ؛
فالحروف لقلتها تكلم النحاة على معانيها ، فيؤخذ ذلك من كتبهم ، وأما الأسماء
والأفعال فيؤخذ ذلك من كتب اللغة .
وقد ذكر صاحب
اللسان في تعريفه للغريب ، كلاما موجزا وهو قريب الشبه جدا من كلام الخطابي حيث
قال : " والغريب : الغامض من الكلام ، وكلمة غريبة وقد غربت وهو من ذلك"
.
وبعد هذه العجالة
السريعة أعتقد أن تعريف الزركشي للغريب هو أشملها وأدقها ، وأني أميل إليه.
غريب القرآن وأهميته :
لا ريب أن معرفة
الغريب في القرآن الكريم هي اللبنة الأولى في فهم كلام الله تعالى ، وهي من أول ما
يستعين به المفسر في التفسير والتأويل ، ولقد نبه العلماء إلى وجوب معرفة وتعلم
هذا الفن ووجوهه المختلفة.
يقول الزركشي :
" ومعرفة هذا الفن للمفسر ضرورية ، وإلا فلا يحل له الإقدام على كتاب الله
تعالى. قال يحيى بن نضلة المديني : سمعت مالك بن أنس يقول : لا أوتى برجل يفسر
كتاب الله غير عالم بلغة العرب إلا جعلته نكالا. وقال مجاهد : لا يحل لأحد يؤمن
بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب.
وينبغي العناية
بتدبر الألفاظ كي لا يقع الخطأ كما وقع لجماعة من الكبار ، وهذا الباب عظيم الخطر
، ومن هنا تهيب كثير من السلف تفسير القرآن ، وتركوا القول فيه حذار أن يزلوا
فيذهبوا عن المراد ، وإن كانوا علماء باللسان فقهاء في الدين.
واعلم أنه ليس
لغير العالم بحقائق اللغة وموضوعاتها تفسير شيء من كلام الله ،
__________________