ومن قرأ : (تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ) بالتّشديد ، من التّعليم ، فالمعنى : بكونكم معلّمين.
: أى علّموا الناس الكتاب ، وبيّنوا لهم صفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ وما فيه من الحقّ والصّواب ، حتّى تستحقّوا هذه الصّفة ، وتكونوا معلّمين.
ومعنى (تَدْرُسُونَ) : تقرءون ؛ ومنه قوله تعالى : (وَدَرَسُوا ما فِيهِ)(١)
٨٠ ـ وقوله : (وَلا يَأْمُرَكُمْ)
من قرأه بالرّفع (٢) قطعه ممّا قبله. قال ابن جريج وغيره : ولا يأمركم محمد.
ومن نصب : كان المعنى : وما كان لبشر أن يأمركم ؛ فيكون نصبا بالنّسق (٣) على قوله : (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ).
([أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً])
قال الزّجّاج : (٤) معنى الآية : ولا يأمركم أن تعبدوا الملائكة والنّبيّين ؛ لأنّ الذين قالوا : إنّ عيسى إله عبدوه ، واتّخذوه ربّا ؛ وقال قوم من الكفّار : إنّ الملائكة أربابنا ، يقال لهم الصّابئون.
وقوله : (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ؟)
استفهام معناه الإنكار : أى لا يفعل ذلك (بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
: أى بعد إسلامكم.
٨١ ـ قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) الآية.
قال قتادة : (٥) هذا ميثاق قد أخذه الله تعالى من النّبيّين : أن يصدّق بعضهم
__________________
(١) سورة الأعراف : ٦٩.
(٢) حاشية ج ، و (تفسير القرطبى ٤ : ١٢٣): «على الاستئناف ، [والقطع من الكلام الأول. ذكره مكى ، وقاله سيبويه والزجاج] : معناه : ولا يأمركم الله. وقال ابن جريج وجماعة : ولا يأمر محمد». وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو والكسائى : (السبعة فى القراءات ٢١٣) وانظر (معانى القرآن للفراء ١ : ٢٢٤) و (إتحاف فضلاء البشر ١٧٧).
(٣) وهى قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة ، وكذا يعقوب وخلف : بنصب الراء : أى ولا له أن يأمركم ، فإن مضمرة ، أو منصوب بالعطف على يُؤْتِيهِ والفاعل ضمير (بشر) ، وافقهم الحسن واليزيدى والأعمش. (إتحاف فضلاء البشر ١٧٧) وانظر (تفسير القرطبى ٤ : ١٣٣) و (السبعة فى القراءات ٢١٣) حاشية ج : «أنه ما ينبغى لمن أعطى النبوة أن يأمر بعبادة غير الله ، بل يأمرهم بمعرفته ، ومعرفة أحكامه وعبادته».
(٤) انظر (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٤).
(٥) كما فى (تفسير الطبرى ٦ : ٥٥٧) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٥٦) و (الدر المنثور ٢ : ٤٧).