: أى كتب الله ذلك كتابا إلى أجله فى اللوح المحفوظ (١).
(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها)
: أى من يرد بطاعته وعمله زينة الدّنيا وزخرفها نؤته منها ما نشاء ممّا قدّرناه له ، كقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ)(٢).
وعنى بهذا : الّذين تركوا المركز (٣) يوم أحد طلبا للغنيمة ، ورغبة فى الدّنيا.
(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ)
((٤) : أى من كان قصده بعمله ثواب الآخرة (٤)) (نُؤْتِهِ مِنْها)(٥) يعنى : الذين ثبتوا يوم أحد حتّى قتلوا.
أعلم الله أنّه يجازى كلّا على قصده وإرادته ، كما روى عن النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى قوله : «إنّما الأعمال بالنّيّات» (٦).
١٤٦ ـ قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ ..) الآية.
معنى (كَأَيِّنْ) : كم ، وتأويله التكثير لعدد الأنبياء الّذين هذه صفتهم.
وقرأ ابن كثير : وكاين (٧) بوزن كاعن ، وهما لغتان بمعنى واحد ، وأكثر ما جاء فى الشّعر على هذه اللّغة ، قال جرير :
وكائن بالأباطح من صديق |
|
يرانى لو أصبت هو المصابا (٨) |
__________________
(١) انظر (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٤٨) و (تفسير القرطبى ٤ : ٢٢٦) و (تفسير البحر المحيط ٣ : ٧٠) و (مختصر من تفسير الطبرى ٨٩).
(٢) سورة الإسراء : ١٨.
(٣) حاشية ج : «المركز : اسم للمكان من الركز ، والمراد هنا : الموضع الذى عينه النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للصحابة يوم أحد لأجل الرمى ..».
(٤ ـ ٤) المثبت عن ج.
(٥) تمام الآية : (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).
(٦) هذا جزء من حديث أخرجه البخارى ، عن عمر بن الخطاب ـ فى (صحيحه ، باب كيف كان بدء الوحى إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ١ : ٥) وابن ماجة فى (سننه ، كتاب الزهد ، باب النية ٢ : ١٤١٣ حديث / ٤٢٢٧) ، والدار قطنى فى (سننه ، كتاب الطهارة ، باب النية ١ : ٥٠ ـ ٥١).
(٧) وكذا أبو جعفر بألف ممدودة بعد الكاف بعدها همزة مكسورة .. (إتحاف الفضلاء ١٧٩) وقرأ الباقون : (وَكَأَيِّنْ) الهمزة بين الكاف والياء مشددة فى وزن كعين : (السبعة فى القراءات ٢١٦) وانظر توجيه القراءتين فى (تفسير القرطبى ٤ : ٢٢٨) و (تفسير البحر المحيط ٣ : ٧٢).
(٨) ج : «فى الأباطح» .. والمثبت عن أ ، ب ، و (ديوان جرير : ٢١) ـ والبيت من بائيته فى مدح الحجاج ـ وهو فى (الخزانة ٢ : ٤٥٥) و (ابن يعيش ٣ : ١١٠) و (شواهد المغنى ٧١٨) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٨٩) و (تفسير القرطبى ٤ : ٢٢٨).
والأباطح : جمع أبطح ، وبطحاء : كل مكان متسع ، ويقصد هنا : منشؤه بالصحراء ؛ أى إن له أصدقاء يرونه كأنفسهم إذا امسه ضر ألموا به كأنه بهم.