ثم ذكر السّبب فى تركهم الإيمان ؛ فقال تعالى :
٧ ـ (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ)
قال الزّجاج : معنى «ختم وطبع» واحد ؛ وهو التّغطية على الشّىء والاستيثاق منه ، بألّا يدخله شىء. «والختم على الوعاء» يمنع الدّخول فيه والخروج منه ، كذلك «الختم على قلوب الكفّار» يمنع دخول الإيمان فيها ، وخروج الكفر منها ؛ وإنما يكون ذلك (١) بأن يخلق الله الكفر فيها ، ويصدّهم عن الهدى ، فلا يدخل الإيمان ـ فى قلوبهم ؛ كما قال الله عزوجل : (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ)(٢).
وقوله تعالى : (وَعَلى سَمْعِهِمْ)
وحّد «السّمع» لأنه مصدر ، والمصادر لا تثنّى ولا تجمع (٣). وقال سيبويه : اكتفى من الجمع بالواحد ؛ لأنّه توسّط «بين» (٤) جمعين ، فصار (٥) كقوله : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(٦) وقوله : (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ)(٧).
وتمّ الكلام ـ هاهنا ـ ، ثم قال : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ)
«الأبصار» : جمع البصر ؛ وهو العين. ويقال : تبصّرت الشّىء ؛ أى رأيته (٨).
__________________
(١) حاشية ج : «أى : المنع من الدخول والخروج».
(٢) سورة الجاثية : ٢٣.
(٣) ب : «والمصدر لا يثنى ولا يجمع».
(٤) الزيادة عن أ ، ب. أى : بعده جمع ، وهو «أَبْصارِهِمْ» ، وقبله جمع ، وهو «قُلُوبِهِمْ». وانظر (الفخر الرازى ١ : ١٩١).
(٥) ب : «فصار بمنزلة قوله».
(٦) سورة البقرة : ٢٥٧.
(٧) سورة النحل : ٤٨. حاشية ج : «اكتفى بالواحد الذى هو «النور» ، و «اليمين» عن الجمع. وكان حقه أن يقول : إلى الأنوار ، فاكتفى بلفظ المفرد لأنه مصدره».
(٨) أ ، ب : «أبصرت .... إذا».