[بمكّة](١) : كيف يسمع (٢) النّاس إله واحد؟ وتعجّبوا وقالوا : إنّ محمدا يقول : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فليأتنا بآية إن كان من الصّادقين ؛ فأنزل الله هذه الآية (٣) ، وعلّمهم (٤) كيفيّة الاستدلال على الصّانع وعلى توحيده ، وردّهم إلى التّفكّر فى آياته ، والنّظر فى مصنوعاته.
وجمع (السَّماواتِ) لأنّها أجناس مختلفة كلّ سماء من جنس غير الأخرى ، ووحّد الأرض لأنّها كلّها تراب.
وقوله : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) يريد : تعاقبهما فى الذّهاب والمجىء ؛ ومنه يقال : «فلان يختلف إلى فلان» ؛ إذا كان يذهب إليه ويجىء من عنده ، فذهابه يخلف (٥) مجيئة ، ومجيؤه يخلف (٦) ذهابه ، أى : يأتى أحدهما خلاف الآخر ، أى بعده.
وكلّ شىء يجىء بعد شىء فهو خلفة ؛ وبهذا فسّر قوله تعالى : (جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً)(٧) قال الفراء : يذهب هذا ويجىء هذا (٨).
وقوله : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ)
(الْفُلْكِ) : يكون واحدا وجمعا ومذكّرا ومؤنّثا. قال الله تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)(٩) فإذا أريد به الواحد ذكّر ، وإذا أريد به الجمع أنّث كالّذى (١٠) فى هذه الآية.
والآية فى الفلك : تسخير الله إيّاها حتى يجريها على وجه الماء ، كما قال :
__________________
(١) إضافة عن (أسباب النزول للواحدى ٤٣).
(٢) ب : «أيسع».
(٣) وهو قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ..) إلى قوله : (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). انظر (أسباب النزول للواحدى ٤٣) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٩٠).
(٤) ب : «وأعلمهم».
(٥) ب : «يخالف».
(٦) ب : «فهو يخلفه».
(٧) سورة الفرقان : ٦٢.
(٨) أ ، ب : «فيجىء هذا». هذا المعنى نقله ابن منظور بدون عزو ، كما فى (اللسان ـ مادة : خلف)
(٩) سورة يس : ٤١.
(١٠) ب ج : «كالتى» والمثبت عن أ. انظر (اللسان ـ مادة : فلك).