والمعنى الثّانى : أنّه إله واحد ، وربّ واحد ليس له فى الإلهيّة والرّبوبيّة (١) شريك ؛ لأنّ المشركين أشركوا معه آلهة (٢) ، فكذّبهم الله تعالى فقال : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).
قال أصحابنا : حقيقة الواحد فى وصف البارى سبحانه : أنّه واحد لا قسيم له فى ذاته ، ولا بعض له فى وجوده ، بخلاف الجملة التى يطلق (٣) عليها لفظ الواحد مجازا ؛ كقولهم : «دار واحدة وشخص واحد».
وعبّر بعض أصحابنا عن «التوحيد» فقال : هو نفى الشّريك والقسيم والشّبيه ؛ فالله تعالى واحد فى أفعاله لا شريك له يشاركه فى إثبات المصنوعات ، وواحد فى ذاته (٤) لا قسيم له ، وواحد فى صفاته لا يشبه الخلق فيها.
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر ، حدّثنا (٥) إبراهيم بن علىّ ، حدّثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا (٦) يحيى بن زكريّا ، عن عبيد الله بن أبى زياد ، حدّثنا شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد ، عن النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال فى هاتين الآيتين :
«اسم الله الأعظم : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) و (الم. اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)(٧)».
١٦٤ ـ قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
قال المفسرون : لمّا نزل قوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)(٨) قالت كفّار قريش
__________________
(١) أ : «فى إلهيته ولا ربوبيته» ، ب : «فى إلاهته وربوبيته».
(٢) ب : «معه إله».
(٣) أ : «نطلق» بالنون.
(٤) أ ، ب : «فى أفعاله».
(٥) أ ، ب : «أخبرنا».
(٦) أ : «حدثنا»
(٧) سورة آل عمران : ١ ـ ٢. هذا الحديث رواه ابن أبى شيبة وأحمد والدارمى ، وأبو داود ، والترمذى ، وابن ماجة ، وأبو مسلم الكجى فى السنن ، وابن الضريس ، وابن أبى حاتم ، والبيهقى فى شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد. (الدر المنثور ١ : ١٦٣) ورمز له بعلامة الصحيح (مختصر شرح الجامع الصغير ١ : ٦٧).
(٨) سورة البقرة : ١٦٣.