إلى أىّ جهة شاء (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال ابن عباس : إلى دين مستقيم ؛ ودين الله يسمّى
الصّراط المستقيم ؛ لأنّه يؤدّى إلى الجنّة ، كما يؤدّى الطريق المستقيم إلى
المطلوب.
١٤٣ ـ قوله
تعالى : (وَكَذلِكَ) أى : وكما اخترنا إبراهيم وأولاده ، وأنعمنا عليهم
بالحنيفيّة المستقيمة كذلك (جَعَلْناكُمْ أُمَّةً
وَسَطاً) أى : عدلا خيارا.
قال أهل
المعانى : لمّا صار ما بين الغلوّ والتّقصير خيرا منهما ، صار الوسط والأوسط عبارة
عن كلّ ما هو خير ؛ قال الله تعالى : (قالَ أَوْسَطُهُمْ) قيل : فى تفسيره : خيرهم وأعدلهم.
قال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «خير هذا الدّين النّمط الأوسط» .
وأمّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وسط ؛ لأنّهم لم يغلوا غلوّ النّصارى ، ولا قصّروا تقصير اليهود فى حقوق
أنبيائهم بالقتل والصّلب.
قوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ.)
قال ابن عبّاس
فى رواية عطاء : يريد على جميع الأمم ؛ وذلك أنّ الله تعالى إذا جمع الأوّلين
والآخرين أتى بالناس أمّة بعد أمّة ، فيؤتى بأمّة نوح فيسألهم عمّا أرسل إليهم ؛
فينكرون أنّ نوحا بلّغهم ما أرسل به إليهم ؛ فيدعى بأمّة ـ محمد صلىاللهعليهوسلم ، فيقولون : نشهد أنّه قد بلّغ رسالتك ، فكذّبوه وعصوك
، فتقول أمّة نوح : هؤلاء كانوا بعدنا فكيف يشهدون علينا؟ فيقولون : ربّنا أرسلت
إلينا رسولا فآمنّا به وصدّقناه ، فكان فيما أنزلت عليه : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) إلى قوله : (أَنُؤْمِنُ لَكَ
وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ).
وقوله : (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيداً) أى : على صدقكم ، فهو من باب حذف
__________________