قال : وأصل «إله» ، ولاه» فقلبت الواو همزة ، كما قالوا للوشاح : إشاح ، وللوجاح : إجاح (١). ومعنى «ولاه» : أن الخلق يولهون (٢) إليه فى حوائجهم ، ويضرعون إليه فيما ينوبهم ، ويفزعون إليه فى كلّ ما يصيبهم ، كما يوله كلّ طفل إلى أمّه (٣)
قوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
قال الليث : هما اسمان اشتقاقهما من الرّحمة (٤). وقال أبو عبيدة : هما صفتان لله تعالى معناهما : ذو الرّحمة (٥). ورحمة الله : إرادته الخير والنّعمة والإحسان إلى من يرحمه.
و (الرَّحْمنِ) ـ عند قوم ـ أشدّ مبالغة من (الرَّحِيمِ) كالعلّام من العليم ؛ ولهذا قيل : «رحمان الدّنيا ورحيم الآخرة» (٦) ؛ لأنّ رحمته فى الدنيا عمّت المؤمن والكافر والبرّ والفاجر ، ورحمته فى الآخرة : اختصّت بالمؤمنين.
وقال آخرون : إنّهما بمعنى واحد ، كندمان ونديم ، ولهفان ولهيف (٧) ، وجمع بينهما للتّأكيد (٨) ، كقولهم : «فلان جادّ مجدّ».
٢ ـ قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ)
قال ابن عباس : يعنى الشّكر لله ، وهو أنّه صنع إلى خلقه فحمدوه (٩) ، يعنى أنّه أحسن إليهم فشكروه وأثنوا عليه.
__________________
(١) بتقديم الجيم على الحاء ؛ وهو الستر ، كما فى (اللسان ـ مادة : وجح) و (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٣ / ظ).
(٢) ب : «يالهون» وهو تحريف. أى : يفزعون إليه عند الحيرة والدهشة : (اللسان ـ مادة : أله).
(٣) قول أبى الهيثم هذا جاء فى (اللسان ـ مادة : أله).
(٤) وهو قول الأزهرى ، كما فى (اللسان ـ مادة : رحم).
(٥) كما فى (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٢١) وقد جاء هذا المعنى وما بعده مفصلا فى (تفسير الطبرى ١ : ١٢٦ ـ ١٣٤) و (اللسان ـ مادة : رحم) و (تفسير البحر المحيط ١ : ١٦ ـ ١٧).
(٦) كما روى عن مجاهد. انظر (تفسير ابن كثير ١ : ٣٣) و (والبحر المحيط ١ : ١٧).
(٧) أى : حزين. (اللسان ـ مادة : لهف).
(٨) كما قال الجوهرى وقطرب. انظر (اللسان ـ مادة : رحم).
(٩) كما فى (تنوير المقباس ١ : ٣) «الحمد لله : الثناء لله والشكر له بإنعامه».