كتب نسخة فى التفسير عن أبىّ ، بإسناد قال عنه السيوطى فى «الإتقان» : «وهذا إسناد صحيح». وقد أخرج من هذه النسخة جماعة من العلماء ، كالإمام أحمد فى مسنده ، والحاكم فى مستدركه ، وغيرهما. (١٩)
أما الحسن البصرى ، فقد جاء فى «وفيات الأعيان» : أن شيخا من شيوخ المعتزلة ، وهو عمرو بن عبيد كتب تفسيرا للقرآن عنه. (٢٠)
ثانيا : وبناء على ما سبق ، فإن ما فعله الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، حينما أمر واليه على المدينة ، أبا بكر بن حزم (٢١) (سنة مائة) ، بجمع الحديث ، فكلّف أبو بكر ابن شهاب الزهرىّ بذلك ، لا يعتبر الحلقة الأولى لتدوين التفسير ، حتى وإن كان بابا من أبواب الحديث ، فالتدوين للتفسير ـ وكعلم مستقل أيضا ـ كان سابقا لخلافة عمر بن عبد العزيز ـ رحمهالله.
ثالثا : ثم تأتى مرحلة ابن جريج ، فقد كتب فى التفسير ثلاثة أجزاء كبار ، عن ابن عباس رضى الله عنهما. (٢٢)
رابعا : ثم خطا التفسير بعد ذلك خطوة أقرب إلى الشمولية لمعظم آيات القرآن الكريم ، حيث كتب الفراء (المتوفى سنة ٢٠٧ ه) كتابا فى معانى القرآن ، متتبعا آيات القرآن ، حسب كتابتها فى المصحف الشريف ، كما ظهر تفسير ليحيى بن سلام المتوفى سنة ٢٠٠ ه ، اهتم فيه بإيراد الأخبار وتعقبها بالنقد والاختيار ، كما اهتم فيه بالنواحى الإعرابية والقراءات وتوجيهها. (٢٣)
خامسا : وما زال التفسير ينمو ويزدهر ، حتى وصل إلى مرحلة الاستقصاء لكل آية من آياته ، وظهر ذلك على أيدى مجموعة من العلماء ، وكان من أشهرهم محمد بن جرير الطبرى المتوفى سنة ٣١٠ ه ، وتفسيره يعتبر أقدم تفسير وصل إلينا ، وابن أبى حاتم المتوفى سنة ٣٢٧ ه ، وابن مردويه المتوفى سنة ٤١٠ ه ، وغيرهم من الأئمة الفضلاء.
ولكن الملاحظ على هذه التفاسير التى دونت حتى هذه الفترة أنها كانت لا تهتم إلا بالمأثور فقط ، ما عدا تفسير ابن جرير ، فإنه كان يزيد على المأثور توجيه الأقوال ، وترجيح بعضها على بعض ، وذكر الإعراب والقراءات ، واستنباط الأحكام وغير ذلك ، فلذلك كان عظيم الفائدة.
سادسا : ثم بعد ذلك اتسعت دائرة التفسير الكامل للقرآن كله ، وكثرت فيه