الآية العاشرة من سورة نوح : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً).
وأما التوشيح فيعنى : أن تكون الفاصلة مذكورة بمعناها فى صدر الآية ـ فبينه وبين التصدير شبه قريب ، غير أن التصدير يكون باللفظ والتوشيح يكون بالمعنى. كما قال الزركشى :
«ويسمى به لكون نفس الكلام يدل على آخره ، نزّل المعنى منزلة الوشاح ، ونزّل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح ، اللذين يجول عليهما الوشاح».
وذلك مثل : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) [يس ٣٧] ، (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) [الملك ١٣].
وأما الإيغال فهو : أن تفيد الفاصلة معنى جديدا بعد تمام معنى صدر الآية ، فى مضمونه. ومثال ذلك : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [الإسراء ٨٨] ، فقد تم الكلام عند قوله : (لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) ويصح الاكتفاء به ، ثم جاءت الفاصلة لتضيف معنى جديدا ، وهو أنهم لا يأتون بمثل القرآن ولو تعاونوا على ذلك جميعا.
ومثاله فى قول الله ـ عزوجل : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة ٥٠.
ومما تجدر الإشارة إليه فى هذا المقام :
تلك الفواصل المشتملة على وصف لله مركب من اسمين من أسمائه ، أو صفتين من صفاته ، مثل (غَفُورٌ رَحِيمٌ عَلِيمٌ حَكِيمٌ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وهكذا ، ومن أعظم وأبرز مظاهر الإبداع فى هذا التركيب :
إثبات كمال الصفة لله بما يدفع توهم نقصانها أو طغيانها ، فالعزيز ـ مثلا ـ وهو القوى الذى لا يغلبه غيره ، قد تطغيه قوته ، وأمان ذلك أن يكون القوى حكيما ، فلا تدفعه قوته إلى ظلم أبدا ، كما قال الله عن نفسه :
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) [النساء ٤٠].
البسملة آية أم لا؟
البسملة : هى قول القائل : بسم الله الرحمن الرحيم ، ويعرف هذا بالتوليد ، ومثلها الحوقلة ، وهى : لا حول ولا قوة إلا بالله ، والسبحلة ، وهى : سبحان الله ، والحمدلة ، والتهليل ، وهكذا.