لا يمكن الجمع بينه وبين الحج ، يكون من باب المزاحمة ، فيقدم الأهم منهما [١] ، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدم على الحج. وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب الحج فيه ، وإلا فلا. إلا أن يكون الحج قد استقر عليه سابقاً ،
______________________________________________________
« إذا قدر الرجل على ما يحج به ، ثمَّ دفع ذلك وليس له شغل يعذره الله تعالى فيه فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام » (١) فإنه ظاهر في أن مطلق العذر رافع للفرض. ولا ريب في أن الوفاء بالنذر عذر ، فيكون رافعاً للفرض. وأيضاً فإن لازم هذه الدعوى أن لو كان الحج مزاحماً بواجب بحيث يقدم عليه ـ كما إذا كان المكلف أجيراً على الحج في سنة الاستطاعة ، فوجب عليه حج الإجارة ـ لوجب عليه حج الإسلام في السنة الثانية ولو متسكعاً لأنه قد استقر الحج في ذمته ، ولا يظن من أحد إمكان الالتزام به. وسيأتي الكلام فيه في المسألة الرابعة والستين.
[١] قد عرفت : أن حدوث الاستطاعة آناً ما لا يوجب ثبوت الوجوب ، وأنه لا بد من بقائها إلى آخر أزمنة العمل أو أكثر من ذلك ، كما سبق ويأتي. وحينئذ إذا تحققت الاستطاعة ثمَّ حصل واجب فوري ، كان حصوله رافعاً لها ، فلا وجوب للحج لانتفاء موضوعه ، فكيف يكون من باب المزاحمة؟!
ثمَّ إنه لو بني على كون المقام من باب المزاحمة فقد عرفت أن لازمه وجوب الحج عليه في السنة اللاحقة وإن لم تبق الاستطاعة ، لاستقرار الحج في ذمته. ولأجل ذلك يشكل قوله (ره) : « وإلا فلا ». كما أنه مما ذكرنا يظهر أنه لو حدث أي واجب بعد تحقق الاستطاعة رفعها ، سواء كان أهم من الحج ، أم مساوياً له في الاهتمام ، أم أقل منه. نعم إذا كان موضوع ذلك الواجب يزول بالاستطاعة كانت الاستطاعة مقدمة عليه ، لما.
__________________
(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب وجوب الحج حديث : ٣