وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٩) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها
____________________________________
الإيمان العادي والعمل الصالح العادي ، وكذلك بالنسبة إلى الأكفر والكافر والأعصى والعاصي (وَلِيُوَفِّيَهُمْ) الله (أَعْمالَهُمْ) التي منها عقائدهم ، لأن العقيدة عمل العقل ، ومعنى التوفية ، إرجاعه إليهم وافيا ، بدون زيادة أو نقيصة ، ثم هل الجزاء نفس العمل أخذ صورة الآخرة ، كما أن الدجاجة نفس البيضة ، والشجرة نفس النواة ، والولد نفس المني ، ـ ولذا قال سبحانه «أعمالهم» ـ أو إن الجزاء جزاء العمل ، مثل «دينار» يعطيه الإنسان أجرة للبناء؟ احتمالان ، وإن كان ظاهر الأدلة والمؤيدات النقلية والعقلية الأول (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فلا ينقص من حسنة المؤمن ، ولا يزاد في سيئة الكافر.
[٢١] ثم إن القرآن مشى بالفريقين «عقيدتهم وعملهم» في الدنيا حتى أوصلهما إلى الآخرة ، وقد رأينا المؤمن كيف أنه دخل الجنة فلننظر إلى الكافر وحاله يوم القيامة لنرى (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) في حال كونهم واقفين على شفيرها ، في ذل وهول عظيمين ، فيقرأ عليهم وثيقة الاجرام ، فيقال لهم (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا) إن البدن والعقل والطاقات وسائر ما للإنسان مما يتمكن من التصرف فيه ، طيب منحها الله له ، لأجل إسعاده ، لكن الكفار يصرفونها لأجل شقائهم ، كمن أعطى ولده مالا لأجل أن يكتسب به لتأمين مستقبله فصرفه في شرب الخمر والزنى والقمار مما أوجب أمراضه الجسدية والعقلية (وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) بتلك الطيبات حتى نفذت ولذا ليس عندكم الآن شيء لراحتكم وسعادتكم ، بل حصلتم بتلك