أن يفعل غير ذلك؟ .. هل في وسعنا أن نكره ضمير الآخرين؟ .. وهل نملك سلطة على هذا الضّمير؟ وحتّى في أكثر الحالات اتفاقا مع العادة ، ـ هل لنا من ملجأ سوى أن نفترض حسن النّيّة لدى الآخرين ، أو نحدس به على الوجه الّذي ينبغي ، بصورة أو بأخرى ، بناء على أمارات خارجية؟.
إنّ على الأمّة وحدها يقع عبء حفظ النّظام العام ، والدّفاع عن الحقّ المشترك ، ومنع الظّلم الظّاهر ؛ وعلى كلّ منا أن يراقب موقفه الباطني ، وأن يتحقق من توافقه مع روح الشّريعة.
ولكن ، ألّا يجب منذئذ ، ومن وجهة النّظر الّتي نقول بها الآن ، أن ننتهي إلى «الموضوعية المحضة» في التّشريع الإجتماعي الإسلامي؟.
الواقع أنّ المبدأ الّذي يستخلص من هذا البحث مختلف اختلافا تاما عن المبدأ الّذي رأيناه حتّى الآن. فعلى حين قد رأينا أنّ «الأخلاقية» و«المشروعية» لم تكونا تفترقان من حيث المسئولية ، والجزاء إلّا في منتصف الطّريق ، إذا بنا نشهد الآن انفصالا أساسيا من حيث قبول الفعل ، بين القانون الأخلاقي ، والقانون الإجتماعي ، منذ البداية.
فمن النّاحية الأخلاقية لا يمكن أن ندخل في باب الأخلاق أي عمل إذا لم يكن شعوريا ، وإراديا ، وانعقدت عليه النّيّة ـ في آن واحد.
ولا شيء من هذه الشّروط بضروري للنهوض بالتكليف الإجتماعي ، وإنّما يجب ، ويكفي ، أن يستوفي العمل بعض الشّروط الموضوعية المحضة ، المتعلقة بالمكان ، وبالزمان ، وبالكم ، وبالكيف ، حتّى لو تحققت الصّور الواقعية منه وحدها ، دون علم ، ودون إرادة ، وسواء أكان نتيجة إكراه ، أو صدفة.