تكون كلمة أمره مطاعة دون شرط ، ودون ما حاجة إلى أي سرّ آخر : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى) (١) ، كما أنّه صوت الحقيقة ، والعدل ذاته : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢).
ثانيا : على الشّعور بمعيته الحبيبة المهيبة ، وهذا الشّعور من شأنه أن يحرك شجاعتنا إلى فعل الخير ، وإلى أن نفعله على خير وجه ، كما أنّه قادر على أن يدفع دفعا رقيقا كلّ ميولنا السّيئة.
ثالثا : على توقع إجراءات الجزاء الّتي قررها الله سبحانه.
وإذ وصلنا إلى هذه النّقطة ، فقد بدا لنا منهج التّعليم القرآني مرة أخرى في صورة مركبة ، مزدوجة في تركيبها ؛ إذ تستهدف الحياة الدّنيا ، والحياة الأخرى معا ، وتعلن للإنسان بأنّ عليه أن يتقبل في كلتا الحياتين الّثمن الأخلاقي ، والبدني ، والرّوحي لأفعاله.
لقد أثرنا من قبل مسألة معرفة ما إذا كان تغير الوسط الجغرافي ، والظّروف الإجتماعية ـ قد استطاع أن يفرض بعض التّعديلات في المفهوم القرآني عن الحياة الآخرة.
ولقد لزمنا ـ لكي نجيب عن هذه المسألة ـ أن نعود مرة أخرى إلى النّصوص نستشيرها ، ونميز فيها مجموعتين ، تبعا لنزول الوحي بها قبل الهجرة ، أو بعدها. وهنا نلاحظ : وجود نوعين من السّعادة (الرّوحية ، والحسية) في المرحلتين ، مصحوبين بتفاصيل عديدة.
__________________
(١) المدثر : ٥٦.
(٢) الأنعام : ١١٥.