الكامل ، تماما كنظام الرّجل البالغ ، وحسبنا أن نفتح أي كتاب في الفقه السّلفي لنرى ما يخصه في كلّ فصل من فصوله ، بل إنّه من الوجهة الأخلاقية وحدها ، فإنّ الأستطراد الّذي يمكن أن نتطرق إليه ، لنوضح ما يجب أن يطلب من الطّفل ، وما يمكن أن يتسامح فيه ، قد يكون أطول من اللازم.
***
ولكن بالرغم من أنّ سلوك الأطفال منظم في الشّريعة الإسلامية ، حتّى في أدق تفاصيله ، فإنّ الشّرع غير متوجه إليهم ، بل إلى آبائهم ، وإلى الحكام ، والأساتذة ، والرّؤساء ، أي إلى الأمّة بأكملها ، فهي الّتي على كاهلها تقع مهمة تربيتهم ، وتقويمهم ، حتّى تظفر منهم بأقصى درجات التّوافق مع القاعدة.
وإذن ، فإذا كانت مسئوليتهم قد تخففت ، فما ذلك إلّا لترتبط مسئوليتنا تجاههم. وحسبنا هنا أن نقدم ثلاثة أمثلة لنبين أنّ الإنسان المسلم الصّغير ، يجب أن يتعوّد ـ منذ حداثته ـ على ما يقرب من سلوك الرّجل النّاضج ، في سلوكه الشّخصي ، وفي علاقته بالآخرين ، وفي علاقته بالله سبحانه.
المثال الأوّل : نحن نعرف قواعد الأدب ، والحياء الّتي فرضها القرآن على كلّ فرد ، ألّا يدخل بيوت الآخرين دون أن يستأذن ، ويسلم عليهم في أدب : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) (١) ، أمّا فيما يتعلق بخدمنا ، وأطفالنا فإنّ القرآن يمنحهم نوعا من التّساهل في بعض القيود ، لا على سبيل الإعفاء منها ، فهو يقيد وجوب هذه الأوامر بأوقات الرّاحة
__________________
(١) النّور : ٢٧.