قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

تحمیل

دستور الأخلاق في القرآن

168/962
*

يغير جوهر الأشياء ، فضلا عن واقعها ، إنّه يسجل هذا الواقع ، ثمّ يحكيه ، ويعبر عنه ، ولو كان كلّ ما علم الله أنّه لا يوجد ـ «مستحيلا» لوجب القول ـ لنفس السّبب ـ بأنّ كلّ ما علم الله أنّه يوجد «ضروري». فما ذا بقي في الكون إذن لتتحقق فيه الإرادة الإلهية؟.

وأمّا الإستدلال الثّاني : فهو يقوم كذلك على خلط منطقي بين نوعين من القضايا ، أحدهما قائم بذاته ، والآخر معلق بغيره ؛ فالإيمان وعدم الإيمان ـ قضيتان متناقضتان ، مفترض أنّهما قد استوفتا كلّ الصّفات المطلوبة. ولكن إيمان الفرد ، بأنّه لن يؤمن أبدا ـ حدث واقعي بالنسبة لمن لا يؤمن ، ما دام أنّه يحسه في نفسه ، ويعرفه بالتجربة المباشرة ، والشّخصية.

وحين أخفقت كلّ محاولات الأشاعرة في هذا المجال القرآني ، وجهوا بحوثهم إلى مجال أكثر رحابة ، وأعظم اعتمادا على العقل الخالص ، وها هم أولاء يريدون أن يبرهنوا لنا على أنّ التّكليف بالمحال هو من جانب معين قاعدة عامة ، أكثر من أن يكون قاعدة خاصة في الشّرع الإلهي.

ويقف خصومهم المعتزلة ليدافعوا عن الحرية الإنسانية مقدمين إياها على العمل ، حين يكون لكلّ امرىء أن يجرب قدرته المزدوجة على أن يعمل ، أو يمتنع عن العمل.

ويعترض الأشاعرة على هذا بأنّ القدرة كانت قبل العمل إحتمالا ، والقدرة الفعلية مصاحبة للعمل (١) ، من حيث إنّه لا يمكن أن تمارس هذه القدرة تأثيرها

__________________

(١) قارن هذا بنظرية برجسون عن الحرية ، القائمة على عدم القدرة على التّنبؤ بالعمل ، وعلى ديناميكية الذات الفاعلة.