قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

تحمیل

دستور الأخلاق في القرآن

141/962
*

فالإمام مالك يوافق على هذه البرهنة القياسية ، لا إستنادا إلى نصّ محدد فحسب ، يضع نفس الحل لمشكلة محددة مماثلة للمشكلة المدروسة ، بل كذلك إستنادا إلى الطّرق العامة الّتي لجأت إليها الشّريعة في مواضع لا تحصى ، أقل شبها ، أو أكثر بما نحن بصدده ، والّتي تستخرج من مجموعها تلك الفكرة الثّابتة الّتي تقول :

إنّ هذا النّوع من الخير هدف جوهري يسعى الشّرع لتحقيقه بكلّ الوسائل الممكنة. فالحالة الجديدة حينئذ لا تقدم لنا سوى وسيلة أخرى يجب أن تستخدم عند ما تفرض بدورها نفسها ، لتحقيق هذا الخير النّوعي الّذي يسميه مالك : المصلحة المرسلة (١).

وبفضل هذا المبدأ ، إستطاع هذا الفقيه أن يحل عددا من مشكلات الأخلاق والشّريعة في اتجاه جدا أصيل ، وإن اصطدم حينا بنصوص الشّريعة (٢).

__________________

(١) كما سبق لنا وقدمنا أعتذارا للقارىء عن تعريف القياس فكذلك هنا أيضا نحيل القارىء إلى المصادر ، كالمنخول للغزالي : ٤٥٥ ، إرشاد الفحول : ٣٥٨ ، الأحكام للآمدي : ٣ / ٢٩٨ ، الأصول العامة للفقه المقارن : ٣٨٢.

(٢) لنأخذ على ذلك المثال التّالي : هل يجوز في حال الحرب أن نضرب في اتجاه جنودنا الذين أسرهم العدو ، واستتر خلفهم ليضربنا ويحتل أرضنا؟ أو أنّ من الواجب ـ على عكس ذلك ـ أن نمسك عن الضّرب رعاية للنصّ الصّريح الّذي يمنعنا أن نستبيح دم بريء؟ .. والله يقول : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الأنعام ـ ١٥١).

يجيب الإمام مالك عن هذا السّؤال مرجحا الأخذ بأخف الضّررين ، ويعلل لذلك بأننا لو بقينا دون عمل ، إحتراما لهذا العدد القليل من جنودنا ، الذين جعلهم سوء الحظ درعا للعدو ، فإنّ بقية الجيش وهي الكثرة الكاثرة منه ، قد تتعرض للهلاك ، ثم أن ينجو أيضا أسرانا من نفس المصير بعد ذلك. ولا ريب إذن ـ