فقط ـ كما اختاره أستاذنا الشهيد الصدر قدسسره ـ أصبح بيان الامتياز بالعلم والمعرفة جوابا للسؤال ، وتهدئة للمخاوف التي انثارت لدى الملائكة ؛ لأنّ هذا العلم يهدي إلى الله تعالى ، ويتمكن هذا الإنسان بفطرته من أن يسير في طريق التكامل.
وأمّا العلّامة الطباطبائي فقد اعتبر الانتماء إلى الأرض والتزاحم بين المصالح فيها هو الذي يؤدي إلى الفساد ، ويكون العلم بالاسماء طريقا وعلاجا لتجنب هذه الأخطار ؛ لأنّ الأسماء بنظره موجودات عاقلة حية.
وفي النقطة الثالثة : يفترض الشيخ محمّد عبدة أنّ العلم هو الذي جعل الإنسان مستحقا للخلافة ، وهذا العلم ذو بعدين :
أحدهما : العلوم الطبيعية التي يمكن للإنسان أن يحصل عليها من خلال التجارب والبحث ، والتي يتمكن الإنسان بواسطتها من الهيمنة على العالم المادي الذي يعيش فيه ، كما نشاهد ذلك في التأريخ وفي عصرنا الحاضر بشكل خاص.
والآخر : العلم الإلهي المنزل من خلال الشريعة ، والذي يمكن للإنسان من خلاله أن يعرف طريقه إلى الكمالات الإلهية ، ويشخص المصالح والمفاسد والخير والشر.
وهذا التصور ينسجم مع إطلاق كلمة (العلم) في الآية الكريمة ، ومع فرضية أنّ الجواب الإلهي للملائكة إنّما هو تفسير لجعل الإنسان خليفة ؛ لأنّ الجواب ذكر خصوصية (العلم) كامتياز لآدم على الملائكة.
كما ينسجم هذا التصور مع ما أكّده القرآن الكريم في مواضع متعدّدة من دور العقل ومدركاته في حياة الإنسان ومسيرته وتسخير الطبيعة له ، وكذلك دور الشريعة في تكامل الإنسان ووصوله إلى أهدافه.
لكن هذا التصور نلاحظ عليه ـ ما ذكرنا ـ من أنّ الشريعة قد افترض