يكون مفسدا في الأرض وسافكا للدماء ، ومن ثمّ لا مبرر لجعله خليفة مع ترتب هذه الآثار على وجوده.
وأمّا العلّامة الطباطبائي فهو يحاول أن يذكر في أنّ الشيء الذي أثار السؤال هو : أنّ الخليفة لا بدّ أن يكون حاكيا للمستخلف (الله) بخلاف الملائكة ؛ إذ يمكن أن يحكوا المستخلف من خلال تسبيحهم وحمدهم.
وفي هذه النقطة قد يكون الحقّ إلى جانب العلّامة الطباطبائي ؛ ذلك لأنّ التفسير الإلهي لهذه الخلافة كان من خلال بيان امتياز هذا الخليفة بالعلم ، كما قد يفهم من الآية ، وأشار إليه الشيخ محمّد عبدة ، مع أنّ هذا التفسير لا ينسجم مع النقطة التي ذكرها الشيخ عبدة ؛ لأنّه افترض في أصل إثارة السؤال وجود العلم الناقص إلى جانب الإرادة ، فكيف يكون هذا العلم ـ بالشكل الذي ذكره الشيخ محمّد عبدة ، وهو علم ناقص على أي حال ـ جوابا لهذا السؤال؟
نعم لو افترضنا أنّ العلم الذي علّمه الله ـ تعالى ـ لآدم هو الرسالات الإلهية الهادية للصلاح والرشاد والحقّ والكمال ـ كما أشار الشيخ محمّد عبدة إلى ذلك في النقطة الثالثة ـ فقد يكون جوابا لسؤال الملائكة ؛ لأنّ مثل هذا العلم يمكن أن يصلح شأن الإرادة والاختيار الذي أثار المخاوف ، ولكن هذا خلال الظاهر ؛ إذ يفهم من ذيل هذا المقطع الشريف : (... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(١) أنّ هذا الهدى الذي هو الرسالات الإلهية الهادية جاء بعد هذا التعليم لآدم.
وأمّا لو افترضنا أنّ الذي أثار السؤال لدى الملائكة هو الإرادة والاختيار
__________________
(١) البقرة : ٣٨.