وحين عرف
الملائكة ذلك تعجبوا من خلق الله لهذا النوع من الخلق الذي يسفك الدماء ويفسد في
الأرض ، فسألوا الله سبحانه (عن طريق النطق ، أو الحال ، أو غير ذلك) أن يتفضل
عليهم بإعلامهم عن ذلك وبيان الحكمة لهم.
وكان الجواب
لهم عن ذلك هو بيان وجوب الخضوع والتسليم لمن هو بكل شيء عليم ؛ لأنّ هذا هو موقف
جميع المخلوقات تجاهه ؛ لأنّه العالم المحيط بكل المصالح والحكم.
٢ ـ على أنّ
هذا النوع من الخضوع والتسليم الذي ينشأ من معرفة الملائكة بإحاطة الله بكلّ شيء
ربّما لا يذهب الحيرة ، ولا يزيل الاضطراب ، وإنّما تسكن النفس بإظهار الحكمة ،
والسر الذي يختفي وراء الفعل الذي حصل منه تعجب الملائكة.
ولذلك تفضل
الله ـ سبحانه ـ على الملائكة بأن أوضح لهم السر ، وأكمل علمهم ببيان الحكمة في
هذا الخلق ، فأودع في نفس آدم وفطرته علم جميع الأشياء من غير تحديد ولا تعيين ،
الأمر الذي جعل لآدم امتيازا خاصا استحق به الخلافة عن الله في الأرض.
ويظهر هذا
الامتياز حين نقارن بين الإنسان وبين المخلوقات لله سبحانه ، فقد نطق الوحي ودل
العيان والاختبار على أنّ الله ـ تعالى ـ خلق العالم أنواعا مختلفة ، وخصّ كلّ نوع
منها بقدرات ومواهب ، ولكنّ الإنسان مع ذلك يختلف عنها في أنّه لمّا منحه الله من
قدرات ومواهب ليست لها حدود معينة ، لا يتعداها ، على خلاف بقية المخلوقات.
فالملائكة ـ
الذي لا تتمكن من معرفة حقيقتهم الا عن طريق الوحي ـ لهم وظائف محدودة ـ كما دلت
الآيات والاحاديث ـ فهم يسبّحون الله ليلا ونهارا ،