أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)
____________________________________
على الله يهوّن المصائب ، كما تحفظ القلوب عن البطر ، فإن الإيمان كالزمام الذي يعدل سير الحيوان ، لا يبطر عند النعمة ، لما يرى من رقابة عليه ، ولا يجزع عند البلية ، لما يعلم ما أعد الله للمؤمنين الصابرين من الأجر (أَلا) فلينتبه الإنسان (بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) التي دخلها ذكر الله ، فإنك إذا عرفت أن عليك سيدا ، إذا أنعم أراد الشكر ، وإذا أبلى جزاك بالأجر اطمئن قلبك ، ولم يكن كالقلب القلق الذي تخرجه النعمة إلى الإفراط ، والبلية إلى التفريط ، ولذا كان يقول الإمام الحسين عليهالسلام في يوم عاشوراء : «هوّن ما نزل بي أنه بعين الله» (١).
[٣٠] ثم ابتدأ بقوله (الَّذِينَ آمَنُوا) بالله ورسله ، واليوم الآخر ، وما يجب الإيمان (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي الأعمال الصالحة ، مما أمر الله به ، ويدخل فيه ـ بالتلازم ـ والاجتناب عن الأعمال القبيحة (طُوبى لَهُمْ) مؤنث طيب ، أي أن لهم الخلة والمقامة الطيبة الحسنة في الدنيا ، أو الأعم ، (وَحُسْنُ مَآبٍ) أي المرجع الحسن في الآخرة ، أما في الدنيا ، فإنهم آمنون مطمئنون تهديهم مناهج الله سبحانه إلى السعادة والرفاه ، وأما في الآخرة ، فإن لهم جنات النعيم ، ومن المعلوم أن «شجرة طوبى» التي هي شجرة خيرة في الجنة ، إنما هي مصداق من مصاديق ما يناله المؤمن من المنزلة الطيبة فما في بعض الأحاديث من تفسيرها بتلك ، فإنما هو إشارة إلى أحد المصاديق.
__________________
(١) اللهوف على قتلى الطفوف : ص ١١٥.