الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢)
____________________________________
كُلَّ شَيْءٍ) (١) وليس الرحم في الله سبحانه ، بمعناه في البشر ، إذ لا تأثر له سبحانه ، وإنما بمعنى التفضل ، كما قالوا : «خذ الغايات واترك المبادي».
[٢] (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي أن جنس الحمد له سبحانه ، إذ جميع المحامد راجعة إليه ، حتى أن الغير لو تفضل على الإنسان بشيء ، فإن فضله ذلك في طول أفضال الله سبحانه (الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ) محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (الْكِتابَ) أي القرآن (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ) أي للكتاب (عِوَجاً) أي اعوجاجا ، بأن يكون بعض مناهجه معوجة ، أو بعض ما أخبر به من أصول المبدأ والمعاد والقصص مخالفة للواقع.
[٣] في حال كون الكتاب (قَيِّماً) معتدلا مستقيما ، وإنما أنزل الكتاب (لِيُنْذِرَ) الرسول الناس (بَأْساً شَدِيداً) أي عذابا شديدا ونكالا (مِنْ لَدُنْهُ) من عنده ، إن لم يؤمنوا ، وركبوا رؤوسهم سادرين في غيّهم ، (وَيُبَشِّرَ) الرسول (الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ) صحّت عقيدتهم (يَعْمَلُونَ) الأعمال (الصَّالِحاتِ) وهي الأعمال التي أمر الله بها ، وقد ذكرنا أن ذلك يلازم عدم الإتيان بالمعاصي ، فإنه لا يقال لمن اختلط بين الأمرين ، أنه يعمل الصالحات (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) في الدنيا بالرفاه والسلام والصحة وما أشبه ، وفي الآخرة بالثواب والجنة.