قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢)
____________________________________
لا يبدي يوسف نفسه لهم حتى لا يحتاج إلى تدبير هذه العملية؟ والجواب أنه لعلّ الله سبحانه أراد بذلك تخفيف ذنب الأخوة ، بالهول والخجل الذي دخل عليهم ، أما الأب فقد كان حزنه رفع درجته ـ إن لم نقل أنه بسبب ترك الأولى الذي صدر منه في قصة عدم إطعام الفقير ، كما في التفاسير.
[٧٢] (قالُوا) أي قال أصحاب العير ، وهم أخوة يوسف ، ولم يعلم أنه كان معهم غيرهم أم لا (وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) أي على أصحاب يوسف ، وكان «أقبل» عدي ب «على» لإشرابه معنى التوجه والإقبال ، كأنه قال : أقبلوا عليهم سامعين كلامهم قائلين (ما ذا تَفْقِدُونَ)؟ أي ما الذي فقدتموه من متاعكم يا حاشية الملك.
وقد كان أخوة يوسف عليهالسلام واثقين من أنفسهم أنهم لم يسرقوا شيئا فلما ذا يخافون؟ ولذا قالوا بكل جرأة : «ماذا تفقدون»؟ واستعدوا لإعطاء الجزاء ـ كما يأتي ـ إن كانوا هم السارقين.
[٧٣] (قالُوا) أي قال أصحاب يوسف (نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) فقد متعد ، ولذا يقال : مفقود ، والصواع اسم مفرد بمعنى الكيل ، أي نفقد كيل الملك الذي به يكال الطعام ، ثم أن بعض أصحاب الملك وعد الذي يأتي به جائزة قائلا (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ) أي بالصواع (حِمْلُ بَعِيرٍ) من الطعام (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) أي أنا كفيل ضامن بالوفاء وليس ذلك خداعا نريد به أن يظهر الصاع فيعاقب الآتي به عوض أن نجيزه ـ كما جرت عادة الملوك الطغاة ـ.