فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥)
____________________________________
والتجهّز له بالأعمال الصالحة (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) وبال ذلك في ما بعد ، حين ما عاينوا جزاء أعمالهم ، إن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كلما دعاهم ولم يقبلوا ، فليدعهم حتى يلاقوا مصيرهم السيئ.
[٥] فلا يغرنّ هؤلاء الكفار تأخير العذاب عنهم ، وأنهم عاجلا لا يرون جزاء تكذيبهم ، فقد جرت سنة الله سبحانه ، أن لا يهلك أمة إلا في الوقت المقدّر المحدّد (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) أي من بلد ، والمراد بها أهلها ، بعلاقة الحال والمحل (إِلَّا وَلَها كِتابٌ) أي وقت وسمي الوقت كتابا لأنه يكتب أجلهم هناك ، فهو مجاز بعلاقة الظرف والمظروف ، إذ المدة مكتوبة في الكتاب (مَعْلُومٌ) لدى الله سبحانه ، فلا يأخذ القرية قبل انتهاء مدتهم ، ومن المحتمل أن يراد أن هذا قبل قرب وقت تعذيبهم ، لأنه جاءهم الكتاب السماوي ، وبين لهم الأحكام ، وقد جرت سنه الله أن يأخذ الظالمين بعد البيان ، كما قال سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١).
[٦] (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ) أي لم تكن أمة تسبق (أَجَلَها) فتهلك قبل الوقت المحدّد لموتها (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) أي لا تتأخر أمة عن أجلها المقدر لها ، بأن تهلك بعد الأجل ، فلو كان أجل أمة في يوم الجمعة لا تسبقه بأن تموت الخميس ولا تتأخر عنه بأن تموت يوم السبت ، وكأنه جاء بلفظ «الاستفعال» لإفادة أن الأمة لا تطلب التأخير ، لأنها تعلم بأن الأجل لا يتأخر ، وهذا لبيان حتمية الأجل حتى أنه لا موقع لطلب التأخير.
__________________
(١) الإسراء : ١٦.