يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧)
____________________________________
أنه يضله الله سبحانه ، كالإنسان الذي لا ينتفع بشيء فإنه يلقيه مع النفايات ليذهب وينقطع أثره ، ولماذا يبقى؟ أنه لا ينتفع به حتى يتعاهده الإنسان (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أي يبقيهم أعمدة للحياة وأمثلة للمكرمات ، وإنما يبقيهم بسبب القول (الثَّابِتِ) الذي تمسكوا به من الإيمان بالله والعقائد الصحيحة (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فهم هاهنا ثابتون راسخون يعرفهم الناس ويقتدون بهم كأمثلة للمعاني الخيرة (وَفِي الْآخِرَةِ) فهم الشفعاء الحكام أصحاب الجاه الكبير في الجنة.
وفي الآية احتمال آخر ـ وإن كان الأول أنسب إلى السياق ـ وهو أن الله سبحانه يثبت المؤمنين على إيمانهم ، فلا تزحزحهم الفتن والانحراف بسبب القول الثابت الذي هو الإيمان وكلمة الشهادة فلا يمكن إضلالهم «في الحياة الدنيا» ولا يتلعثمون إذا حوسبوا «في الآخرة» لما انطووا عليه من الإيمان والإذعان (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بترك الإيمان ، فإنه سبحانه ينفيهم ويبعدهم ، ويتركهم حتى يغمروا في الجهالة والضلالة ، كما يترك الشجرة الخبيثة حتى تنقلع بسبب الرياح (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) مما أجرى سننه عليه من نصرة المؤمنين ، وإبقائهم ، وخذلان الظالمين وإضلالهم ـ وقد سبق مكررا أن المراد بالإضلال إذا نسب إليه سبحانه : ترك الشخص الذي لم يقبل الأمر حتى يضل ويفسد ـ وما ورد في جملة من الأحاديث من إثبات المؤمن عند الاحتضار أو في القبر على الشهادة