ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨) أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (٨٩) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ
____________________________________
(ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الأعمال السابقة على الشرك. ثم إن الآية في مقام بيان أن الشرك موجب لحبط الأعمال مهما كانت سوابق الشرك ، إذ من المعلوم الضروري عدم شرك الأنبياء ، فإن الشرط يأتي حتّى في مستحيل الطرفين ، كقوله : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (١) ، ومن هذا القبيل أيضا قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٢).
[٩٠] (أُولئِكَ) الذين ذكرناهم من الأنبياء عليهمالسلام ، هم (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ) أي أعطيناهم (الْكِتابَ) المراد به الجنس (وَالْحُكْمَ) أي منصب الحكم بين الناس ، فإن هذا المنصب ليس إلّا لله ولمن أعطاه إياه (وَالنُّبُوَّةَ) حيث كانوا أنبياء ، وذكر النبوة بعد الكتاب ، لدفع توهم أن إعطاء الكتاب ليس من قبيل إعطاء الكتاب للاسم ، كقوله سبحانه : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) (٣) ، (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها) أي بالكتاب والحكم والنبوة (هؤُلاءِ) الكفار الذين جحدوا نبوتك يا رسول الله (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها) أي بالإيمان بها ، والمراد إيكال أمر دعاية النبوة والإيمان بها ، والجهاد في سبيلها ، كالوكيل الذي يراعي أمور الموكل (قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) فهم يقومون بواجب أمر النبوة خير قيام.
[٩١] (أُولئِكَ) الأنبياء عليهمالسلام الذين سبق ذكرهم (الَّذِينَ هَدَى اللهُ) أي
__________________
(١) الزخرف : ٨٢.
(٢) الزمر : ٦٦.
(٣) البقرة : ٦٤.