قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)
____________________________________
هذه الصدفة العجيبة و (قالَ) لأصحابه : (يا بُشْرى) يا قوم! البشارة (هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) إن القوم لما رأوا يوسف نووا في أنفسهم أن يجعلوه بضاعة يبيعونه في البلد بعنوان أنه عبد (١).
وورد أن الأخوة جاءوا إلى البئر ليروا ماذا صنع بيوسف هل خرج أو هلك؟ وإذا بهم يتلاقون مع السيارة ، فقالوا لهم أنه عبد لنا أبق من المدينة ، ثم باعوه للسيارة ليستريحوا منه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) أي تعمل السيارة من نيتها جعل يوسف بضاعة. وقيل : في المعنى أمور أخرى ، وما ذكرناه الأظهر منها.
[٢١] (وَشَرَوْهُ) أي باع الأخوة يوسف للسيارة (بِثَمَنٍ بَخْسٍ) ثمن ناقص مبخوس فيه عشرين درهما ـ كما في جملة من الأحاديث ـ (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) أي قليلة ، وجيء بهذا الوصف لدلالته على القلة ، فإن القلة تعدّ ، أما الكثرة فلا تعد بسهولة (وَكانُوا) كان الأخوة (فِيهِ) أي في الثمن ، أو في يوسف (مِنَ الزَّاهِدِينَ) يقال : «زهد فيه» بمعنى لم يرغب ، فإن الأخوة ما باعوه لقصد الربح حتى يرغبوا في الثمن ، وإنما باعوه للتخلّص منه.
[٢٢] وجاءت السيارة بيوسف إلى مصر ، وهل هناك بيع آخر ، أو كان عزيز مصر هو الذي اشتراه ابتداء؟ احتمالان ، وعلى كل حال فقد صار
__________________
(١) راجع مجمع البيان : ج ٥ ص ٣٧٢.