أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩)
____________________________________
راسخ ثابت والآخر هاو منهار ، وأن أحد الفريقين صلد الإيمان قوي العقيدة ، والآخر شاكّ ذو ريبة وتزلزل (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) أي بنيان أمره ودينه ومنهجه (عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ) فهو يتحرّى التقوى في كل أعماله (وَرِضْوانٍ) أي رضى الله سبحانه ، فلا يعمل شيئا إلا إذا علم أن فيه رضاه سبحانه (خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) «شفا جرف» نهاية الشيء في المساحة ، و «جرف الوادي» نهايته التي تنجرف بالماء ، و «هار الجرف يهور» ، إذا أشرف على السقوط والهدم ، و «أنهار» بمعنى سقط. فقد شبه سبحانه بنيان المنافق بالبناء الذي بني على شفا جرف جهنم وكان الجرف هائر (فَانْهارَ) الجرف (بِهِ) أي بالبناء ، أو أنهار البناء بصاحبه (فِي نارِ جَهَنَّمَ) فذهبت أتعابه أدراج الرياح. والمعنى : أنه لا يستوي عمل المتقي وعمل المنافق فإن عمل المتقي ثابت راسخ وعمل المنافق هاو منهار (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فإن الإنسان الذي صار الظلم عالقا بقلبه ، ينغلق فؤاده ، فلا تدخله أشعة الهداية. والمراد بعدم الهداية : أنه يتركهم وشأنهم ولا يلطف بهم الألطاف الخاصة.
[١١٠] ذاك كان مثل بنيانهم ـ من بناء المسجد ـ ثم انتقل سبحانه إلى البناء العام في حياتهم ومناهجهم في الدنيا ، وانتقل إلى تصويره ببناء حسّي يبنى على جرف هار ، فكما أن ذلك البناء ينحرف ويسقط ، كذلك أعمالهم تسقط بهم في جهنم. وهنا مثل آخر لعقيدتهم الكائنة في