(وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (١٤) وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا) (١٦)
وهواؤها معتدل لا حرّ شمس يحمي ولا شدة برد تؤذي ، وفي الحديث : (هواء الجنة سجسج لا حرّ ولا قرّ) (١). فالزمهرير البرد الشديد ، وقيل القمر ، أي الجنة مضيئة لا يحتاج فيها إلى شمس وقمر.
١٤ ـ (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) قريبة منهم ظلال أشجارها ، عطفت على جنة أي وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها كأنهم وعدوا بجنتين لأنهم وصفوا بالخوف بقوله : إنا نخاف من ربنا : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٢) (وَذُلِّلَتْ) سخّرت للقائم والقاعد والمتكىء ، وهو حال من دانية ، أي تدنو ظلالها عليهم في حال تذليل قطوفها عليهم ، أو معطوفة عليها ، أي ودانية عليهم ظلالها ومذلّلة (قُطُوفُها) ثمارها جمع قطف (تَذْلِيلاً).
١٥ ـ (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ) أي يدير عليهم خدمهم كؤوس الشراب ، والآنية جمع إناء وهو وعاء الماء (وَأَكْوابٍ) أي من فضّة ، جمع كوب وهو إبريق لا عروة له (كانَتْ قَوارِيرَا) كان تامة أي كوّنت فكانت قوارير بتكوين الله ، نصب على الحال.
١٦ ـ (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) أي مخلوقة من فضة ، فهي جامعة لبياض الفضة وحسنها وصفاء القوارير وشفيفها حيث يرى ما فيها من الشراب من خارجها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : قوارير كلّ أرض من تربتها وأرض الجنة فضة. قرأ نافع والكسائي وعاصم وفي رواية أبي بكر بالتنوين فيهما. وحمزة وابن عامر وأبو عمرو وحفص بغير تنوين فيهما. وابن كثير بتنوين الأول ، والتنوين في الأول لتناسب الآي المتقدمة والمتأخرة وفي الثاني لاتباعه الأول ، والوقف على الأول قد قيل ولا يوثق به ، لأن الثاني بدل من الأول (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) صفة لقوارير من فضة ، أي أهل الجنة قدّروها على أشكال مخصوصة ، فجاءت كما قدّروها تكرمة لهم ، أو السقاة جعلوها على قدر ريّ شاربيها (٣) ، فهي ألذّ لهم وأخفّ عليهم. وعن مجاهد : لا تفيض ولا تغيض.
__________________
(١) أشار إليه ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث والأثر» وقال عند كلمة سجسج : فيه (ظل الجنة سجسج) أي معتدل لا حرّ ولا قرّ. ومنه حديث ابن عباس (وهواؤها سجسج) (٢ / ٣٤٣).
(٢) الرحمن ، ٥٥ / ٤٦.
(٣) في (ز) شاربها.