(حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) (٢٧)
بلاغا ، أي إن لم أبلّغ لم أجد من دونه ملتجأ ولا مجيرا لي كقولك إن لا قياما فقعودا ، والبلاغ في هذه الوجوه بمعنى التبليغ (وَرِسالاتِهِ) عطف على بلاغا كأنه قيل لا أملك لكم إلّا التبليغ والرسالات أي إلّا أن أبلغ عن الله فأقول قال الله كذا ناسبا لقوله إليه ، وأن أبلغ رسالاته (١) التي أرسلني بها بلا زيادة ونقصان ، ومن ليست بصلة للتبليغ لأنه يقال بلّغ عنه ، إنما هي بمنزلة من في : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ) (٢) أي بلاغا كائنا من الله (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في ترك القبول لما أنزل على الرسول لأنه ذكر على أثر تبليغ الرسالة (فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) وحّد في له (٣) وجمع في خالدين للفظ من ومعناه.
٢٤ ـ (حَتَّى) يتعلق بمحذوف دلّت عليه الحال ، كأنه قيل لا يزالون على ما هم عليه حتى (إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) من العذاب (فَسَيَعْلَمُونَ) عند حلول العذاب بهم (مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) أهم أم المؤمنون؟ أي الكافر لا ناصر له يومئذ والمؤمن ينصره الله وملائكته وأنبياؤه.
٢٥ ـ (قُلْ إِنْ أَدْرِي) ما أدري (أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) من العذاب (أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي) وبفتح الياء حجازي وأبو عمرو (أَمَداً) غاية بعيدة ، يعني أنكم تعذبون قطعا ولكن لا أدري أهو حال أم مؤجل؟.
٢٦ ـ ٢٧ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ) خبر مبتدأ محذوف (٤) أي هو عالم الغيب (فَلا يُظْهِرُ) فلا يطلع (عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) من خلقه (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) إلّا رسولا قد ارتضاه لعلم بعض الغيب ليكون إخباره عن الغيب معجزة له فإنه يطلعه على غيبه ما شاء ، ومن رسول بيان لمن ارتضى. والوليّ إذا أخبر بشيء فظهر فهو غير جازم عليه ولكنه أخبر بناء على رؤياه أو بالفراسة ، على أنّ كلّ كرامة للوليّ فهي معجزة للرسول ، وذكر في «التأويلات» : قال بعضهم في هذه الآية بدلالة تكذيب المنجّمة وليس كذلك ، فإنّ فيهم من يصدق خبره ، وكذلك المتطبّبة يعرفون طبائع
__________________
(١) في (ز) رسالته.
(٢) التوبة ، ٩ / ١.
(٣) في (ظ) و (ز) في قوله له.
(٤) في (ز) هو خبر مبتدأ أي.