(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً) (٢٠)
قربوا أنفسكم إلينا ودعوا محمدا ، وهي لغة أهل الحجاز فإنهم يسوون فيه بين الواحد والجماعة ، وأما تميم فيقولون هلمّ يا رجل وهلمّوا يا رجال ، وهو صوت سمّي به فعل متعد نحو أحضر وقرّب (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) أي الحرب (إِلَّا قَلِيلاً) إلا إتيانا قليلا ، أي يحضرون ساعة رياء ، ويقفون قليلا مقدار ما يرى شهودهم ، ثم ينصرفون.
١٩ ـ (أَشِحَّةً) جمع شحيح ، وهو البخيل ، نصب على الحال من الضمير في يأتون ، أي يأتون الحرب بخلاء (عَلَيْكُمْ) بالظفر والغنيمة (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) من قبل العدوّ ، أو منه عليهالسلام (رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) في تلك الحالة (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) يمينا وشمالا (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) كما ينظر المغشيّ عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخورا (١) ، ولو اذا (٢) بك (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) زال ذلك الخوف وأمنوا وحيزت الغنائم (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) خاطبوكم مخاطبة شديدة وآذوكم بالكلام. خطيب مسلق فصيح ، ورجل مسلاق مبالغ في الكلام ، أي يقولون وفّروا قسمتنا فإنا قد شاهدناكم وقاتلنا معكم وبمكاننا غلبتم عدوّكم (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) أي خاطبوكم أشحة على المال والغنيمة ، وأشحة حال من فاعل سلقوكم (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا) في الحقيقة بل بالألسنة (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) أبطل بإضمارهم الكفر ما أظهروه من الأعمال (وَكانَ ذلِكَ) إحباط أعمالهم (عَلَى اللهِ يَسِيراً) هيّنا.
٢٠ ـ (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) أي لجبنهم يظنون أنّ الأحزاب لم ينهزموا ولم ينصرفوا مع أنهم قد انصرفوا (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) كرّة ثانية (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) البادون جمع البادي ، أي يتمنى المنافقون لجبنهم أنهم خارجون من المدينة إلى البادية حاصلون بين الأعراب ليأمنوا على أنفسهم ويعتزلوا مما فيه المؤمنون (٣) من القتال (يَسْئَلُونَ) كلّ قادم منهم من جانب المدينة (عَنْ أَنْبائِكُمْ)
__________________
(١) في (ظ) و (ز) خوفا.
(٢) اللواذ : المراوغة (القاموس ١ / ٣٥٨).
(٣) في (ظ) و (ز) الخوف.