(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩)
بطاعته ، فذلك أجري لأن الله يأجرني عليه.
٥٨ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) اتخذ من لا يموت وكيلا لا يكلك إلى من يموت ذليلا ، يعني ثق به وأسند أمرك إليه في استكفاء شرورهم ولا تتكل على حيّ يموت ، وقرأها بعض الصالحين فقال : لا يصحّ لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق ، والتوكل الاعتماد عليه في كلّ أمر (وَسَبِّحْ) ونزهه عن أن يكل إلى غيره (١) من توكّل عليه (بِحَمْدِهِ) بتوفيقه الذي يوجب الحمد ، أو قل سبحان الله وبحمده ، أو نزّهه عن كلّ العيوب بثناء تثني عليه (٢) (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) أي كفى الله خبيرا بذنوب عباده ، يعني أنه خبير بأحوالهم كاف في جزاء أعمالهم.
٥٩ ـ (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) أي في مدة مقدارها (٣) هذه المدة ، لأنه لم يكن حينئذ ليل ونهار ، وعن (٤) مجاهد : أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة ، وإنما خلقها في ستة أيام وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة تعليما لخلقه الرفق والتثبّت (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ) أي هو الرحمن ، فالرحمن خبر مبتدأ محذوف ، أو بدل من الضمير في استوى ، أو الذي خلق مبتدأ والرحمن خبره (فَسْئَلْ) وبلا همز مكي وعليّ (بِهِ) صلة سل كقوله : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (٥) كما تكون عن صلته في قوله تعالى : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٦) فسأل به كقولك اهتم به واشتغل به ، وسأل عنه كقولك بحث عنه وفتش عنه ، أو صلة (خَبِيراً) ويكون خبرا مفعول سل ، أي فاسأل عنه رجلا عارفا يخبرك برحمته ، أو فاسأل رجلا خبيرا به وبرحمته ، أو الرحمن اسم من أسماء الله تعالى مذكور في الكتب المتقدّمة ، ولم يكونوا يعرفونه ، فقيل فسل (٧) بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب (٨) حتى تعرف من ينكره ، ومن ثمّ كانوا يقولون ما نعرف الرحمن إلّا
__________________
(١) في (ز) من لا يكل إلى غيره.
(٢) في (ز) بالثناء عليه.
(٣) في (ز) مقدار.
(٤) في (ز) روي عن.
(٥) المعارج ، ٧٠ / ١.
(٦) التكاثر ، ١٠٢ / ٨.
(٧) في (ز) فاسال.
(٨) في (ز) الكتب.