(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٤)
أنّ أصنامهم تحيي الموتى ، وكيف يدّعون ومن أعظم المنكرات أن ينشر الموتى بعض الموات ، لأنه يلزم من دعوى الألوهية لها دعوى الإنشار لها (١) ، لأن العاجز عنه لا يصحّ أن يكون إلها ، إذ لا يستحق هذا الاسم إلّا القادر على كلّ مقدور ، والإنشار من جملة المقدورات ، وقرأ الحسن ينشرون بفتح الياء ، وهما لغتان ، أنشر الله الموتى ونشرها أي أحياها.
٢٢ ـ (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ) أي غير الله ، وصفت آلهة بإلّا كما وصفت بغير ، لو قيل آلهة غير الله ، ولا يجوز رفعه على البدل لأنّ لو بمنزلة إن في أنّ الكلام معه موجب والبدل لا يسوّغ إلا في الكلام غير الموجب كقوله تعالى : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) (٢) ولا يجوز نصبه استثناء لأنّ الجمع إذا كان منكّرا لا يجوز أن يستثنى منه عند المحققين ، لأنه لا عموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لو لا الاستثناء ، والمعنى لو كان يدبّر أمر السماوات والأرض آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما (لَفَسَدَتا) لخربتا لوجود التمانع ، وقد قررناه في أصول الكلام ، ثم نزّه ذاته فقال : (فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) من الولد والشريك.
٢٣ ـ (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) لأنه المالك على الحقيقة ، ولو اعترض على السلطان بعض عبيده مع وجود التجانس وجواز الخطأ عليه وعدم الملك الحقيقي لاستقبح ذلك وعدّ سفها ، فمن هو مالك الملوك وربّ الأرباب وفعله صواب كلّه أولى بأن لا يعترض عليه (وَهُمْ يُسْئَلُونَ) لأنهم مملوكون خطّاؤن لما خلقهم (٣) بأن يقال لهم لم فعلتم في كلّ شيء فعلوه ، وقيل وهم يسألون يرجع إلى المسيح والملائكة أي هم مسؤولون فكيف يكونون آلهة والألوهية تنافي (٤) المسؤولية.
٢٤ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) الإعادة لزيادة الإفادة ، فالأول للإنكار من حيث العقل ، والثاني من حيث النقل ، أي وصفتم الله تعالى بأن يكون له شريك ، فقيل لمحمد (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) حجتكم على ذلك ، وذا عقليّ وهو يأباه كما مر ،
__________________
(١) ليس في (ز) لها.
(٢) هود ، ١١ / ٨١.
(٣) في (ظ) و (ز) فما أخلقهم.
(٤) زاد في (ز) الجنسية.