(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) (٢٢)
يحجبون عن السماوات كلّها ، فلما ولد عيسى عليهالسلام منعوا من ثلاث سماوات ، فلما ولد محمدصلىاللهعليهوسلم منعوا من السماوات كلّها.
١٩ ـ (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) بسطناها من تحت الكعبة ، والجمهور على أنه تعالى مدّها على وجه الماء (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) في الأرض جبالا ثوابت (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) وزن بميزان الحكمة وقدّر بمقدار تقتضيه لا تصلح فيه زيادة ولا نقصان ، أو له وزن وقدر في أبواب المنفعة والنعمة ، أو ما يوزن كالزعفران والذهب والفضة والنحاس والحديد وغيرها ، وخصّ ما يوزن لانتهاء الكيل إلى الوزن.
٢٠ ـ (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها) في الأرض (مَعايِشَ) ما يعاش به من المطاعم ، جمع معيشة ، وهي بياء صريحة بخلاف الخبائث ونحوها فإن تصريح الياء فيها خطأ (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) من في محل النصب بالعطف على معايش أو على محلّ لكم ، كأنه قيل وجعلنا لكم فيها معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقين ، أو جعلنا لكم فيها معايش ولمن لستم له برازقين ، وأراد بهم العيال والمماليك والخدم الذين يظنون أنهم يرزقونهم ويخطئون فإنّ الله هو الرزاق يرزقهم وإياهم ، ويدخل فيه الأنعام والدواب ونحو ذلك ، ولا يجوز أن يكون محلّ من جرا بالعطف على الضمير المجرور في لكم ، لأنه لا يعطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجارّ.
٢١ ـ (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) ذكر الخزائن تمثيل ، والمعنى وما من شيء ينتفع به العباد إلّا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والإنعام به ، وما نعطيه إلا بمقدار معلوم ، فضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كلّ مقدور.
٢٢ ـ (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) جمع لاقحة ، أي وأرسلنا الرياح حوامل بالسحاب لأنها تحمل السحاب في جوفها كأنها لاقحة بها ، من لقحت الناقة حملت وضدّها العقيم. الريح حمزة (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) فجعلناه لكم سقيا (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) نفى عنهم ما أثبته لنفسه في قوله : وإن من شيء إلّا عندنا خزائنه ، كأنه قال نحن الخازنون للماء ، على معنى نحن القادرون على خلقه في