(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٢٥١)
باليد دون الكرع والدليل عليه (فَشَرِبُوا مِنْهُ) أي فكرعوا (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) وهم ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا (فَلَمَّا جاوَزَهُ) أي النهر (هُوَ) طالوت (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أي القليل (قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ) أي لا قوة لنا (بِجالُوتَ) هو جبار من العمالقة من أولاد عمليق بن عاد ، وكان في بيضته (١) ثلثمائة رطل من الحديد (وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) يوقنون بالشهادة ، قيل الضمير في قالوا للكثير الذين انخذلوا ، والذين يظنون هم القليل الذين ثبتوا معه ، وروي أنّ الغرفة كانت تكفي الرجل لشربه وإداوته ، والذين شربوا منه اسودّت شفاههم وغلبهم العطش (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ) كم خبرية وموضعها رفع بالابتداء (غَلَبَتْ) خبرها (فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) بنصره (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) بالنصر.
٢٥٠ ـ (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) خرجوا لقتالهم (قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ) اصبب (عَلَيْنا صَبْراً) على القتال (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) بتقوية قلوبنا وإلقاء الرعب في صدور عدوّنا (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) أعنّا عليهم.
٢٥١ ـ (فَهَزَمُوهُمْ) أي طالوت والمؤمنون جالوت وجنوده (بِإِذْنِ اللهِ) بقضائه (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) كان أيشا (٢) أبو داود في عسكر طالوت مع ستة من بنيه وكان داود سابعهم ، وهو صغير يرعى الغنم فأوحى الله إلى نبيهم أنّ داود هو الذي يقتل جالوت فطلبه من أبيه فجاء وقد مرّ في طريقه بثلاثة أحجار دعاه كلّ واحد منها أن يحمله ، وقالت له : إنّك تقتل بنا جالوت فحملها في مخلاته ورمى بها جالوت فقتله ، وزوجه طالوت بنته ، ثم حسده وأراد قتله ، ثم مات تائبا (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) في مشارق الأرض المقدسة ومغاربها ، وما اجتمعت بنو إسرائيل على ملك قطّ قبل داود (وَالْحِكْمَةَ) والنبوّة (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) من صنعة الدروع وكلام الطيور والدواب وغير ذلك (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) هو مفعول به (بَعْضَهُمْ) بدل من الناس ، دفاع مدني مصدر دفع أو دافع (بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) أي ولو لا
__________________
(١) بيضته : سلاحه.
(٢) في (ز) بيشا.