وأخرج ذرية آدم من صلبه على صور الذر فجعلهم عقلاء ، فخاطبهم وأمرهم بالإيمان ونهاهم عن الكفر ، فأقروا له بالربوبية ، فكان ذلك منهم إيمانا ، فهم يولدون على تلك الفطرة ، ومن كفر بعد ذلك فقد بدّل وغيّر ، ومن آمن وصدق فقد ثبت عليه وداوم.
ولم يجبر أحدا من خلقه على الكفر ولا على الإيمان ، ولا خلقهم مؤمنا ولا كافرا ، ولكن خلقهم أشخاصا. والإيمان والكفر فعل العباد ، ويعلم الله تعالى من يكفر في حال كفره كافرا. فإذا آمن بعد ذلك علمه مؤمنا في حال إيمانه وأحبه من غير أن يتغير علمه وصفته.
وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على الحقيقة ، والله تعالى خالقها ، وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره.
والطاعة كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضائه وعلمه ومشيئته وقضائه وتقديره والمعاصي كلها بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته ، لا بمحبته ولا برضائه ولا بأمره.
والأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم منزّهون عن الصغائر والكبائر والكفر والقبائح ، وقد كانت منهم زلات وخطايا. ومحمد عليه الصلاة والسلام حبيبه وعبده ورسوله ونبيه وصفيه ونقيه ، ولم يعبد الصنم ، ولم يشرك بالله تعالى طرفة عين قط ، ولم يرتكب صغيرة ولا كبيرة قط.
وأفضل الناس بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب الفاروق ، ثم عثمان بن عفان ذو النورين ، ثم علي بن أبي طالب المرتضى رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، عابدين ثابتين على الحق ومع الحق كما كانوا نتولاهم جميعا.
ولا نذكر أحدا من أصحاب رسول الله إلا بخير.
ولا نكفر مسلما بذنب من الذنوب وإن كانت كبيرة ، إذا لم يستحلها ، ولا نزيل عنه اسم الإيمان ، ونسميه مؤمنا حقيقة ، ويجوز أن يموت مؤمنا فاسقا غير كافر ، والمسح على الخفين سنّة ، والتراويح في ليالي شهر رمضان سنّة.
والصلاة خلف كل بر وفاجر من المؤمنين جائزة.
ولا نقول إن المؤمن لا تضره الذنوب ، ولا نقول إنه لا يدخل النار ، ولا نقول إنه يخلد فيها وإن كان فاسقا ، بعد أن يخرج من الدنيا مؤمنا.