المالك على الحقيقة ، يتصرف في ملكه كيف يشاء ، (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣)) [الأنبياء : ٢٣].
مسألة
ويجب أن يعلم : أن أرزاق العباد وجميع الحيوان من الله تعالى ، فلا رازق إلا الله : حلالا كان أم حراما.
والدليل على ذلك قوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) [الرّعد : ٢٦] وقوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) [هود : ٦] وقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠)) [الرّوم : ٤٠]. وقد أجمع المسلمون على إطلاق القول «لا رازق إلا الله» كما أجمعوا على أنه «لا خالق إلا الله».
ويدل عليه أيضا : أنه لو فرض نشوء صبي من حال كونه طفلا إلى بلوغه بين اللصوص وقطّاع الطريق وكان يتناول من طعامهم المسروق المنهوب ، ثم من بعد إدراكه والبلوغ سلك مسلكهم في السرقة والنهب والغارة إلى أن شاخ وهرم ولم يتناول لقمة من حلال قط ، فلو قال قائل : إن هذا الشخص لم يرزقه الله رزقا قط ، ولا أكل له رزقا ، كان هذا القائل معاندا للنص الوارد ، وخارقا لإجماع المسلمين. فدلت هذه الجملة : أن لا خالق إلا الله ولا رازق إلا هو.
مسألة
ويجب أن يعلم : أن كل ما ورد به الشرع من عذاب القبر وسؤال منكر ونكير ، وردّ الروح إلى الميت عند السؤال ، ونصب الصراط ، والميزان ، والحوض والشفاعة للعصاة من المؤمنين ، كل ذلك حق وصدق ، ويجب الإيمان والقطع به ؛ لأن جميع ذلك غير مستحيل في العقل.
وكذلك يجب القطع بأن الجنة والنار مخلوقتان في وقتنا ، وكذلك يجب القطع بأن نعيم أهل الجنة لا ينقطع ، وأن عذاب جهنم مخلد للكفار ، وإن من كان مؤمنا لا يخلد في النار.
والدليل على إثبات عذاب القبر : قوله تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) [طه : ١٢٤]. قال أبو هريرة : يعني عذاب القبر. وأيضا : قوله صلىاللهعليهوسلم :