و ج د :
قوله تعالى : (مِنْ وُجْدِكُمْ)(١) أي من سعة مالكم. والوجد والجدة (٢) : السّعة في المال والمقدرة عليه. يقال : رجل واجد بيّن الوجد والجدة. وفي الحديث : «ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه» (٣) ، وهو بمعنى الحديث الآخر : «مطل الغنيّ ظلم» (٤).
ووجد يقال بمعان ، وفرّقوا بينها بمصادرها فقالوا : وجد زيد ، أي صار غنيا ، وجدانا وجدة. قال الراغب (٥) : وقد حكي فيه الوجد والوجد والوجد. ووجد الضّالّة وجدانا ووجودا. ووجد عليه السّلطان ، أي غضب ، وجدا وموجدة. ووجدت زيدا عالما ، أي ظننته ، أي علمته وجدا. ووجد فلان بفلانة وجدا ، أي أحبّها. ومنه الحديث عن ابن عمر : قال أبو صرد في صفة عجوز : «ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد» (٦) أي غير محبّ لها.
وقال الراغب : الوجود أضرب : وجود بإحدى الحواسّ الخمس ، نحو وجدت زيدا ، ووجدت طعمه ولونه وصوته وريحه وخشونته. ووجود بقوة الشهوة نحو : وجدت الشّبع. ووجود بقوة الغضب كوجود الحزن والسّخط. ووجود بالعقل وبواسطة العقل كمعرفة الله تعالى ومعرفة النبوّة وما نسب إلى الله تعالى من الوجود. فبمعنى العلم المجرّد إذ كان الله منزّها عن الوصف بالجوارح والآلات نحو قوله تعالى : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(٧). وكذا المعدوم يقال على هذه الأوجه. وقوله : (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ)(٨) وقوله : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ)(٩) انتهى. وفيه نظر ؛ إذ البصر كاف في تجويز الإخبار بذلك دون البصيرة ، لأنه إخبار بسجود ، وذلك يدرك بحاسّة البصر.
__________________
(١) ١ / الطلاق : ٦٥.
(٢) وفي س : والوجدة.
(٣) النهاية : ٥ / ١٥٥ ، أي القادر على قضاء دينه.
(٤) رواه أبو هريرة كما عند البخاري ومسلم.
(٥) المفردات : ٥١٣.
(٦) النهاية : ٥ / ١٥٦.
(٧) ١٠٢ / الأعراف : ٧.
(٨) ٢٣ / النمل : ٢٧.
(٩) الآية : بعدها.