غَفُوراً)(١) وصف نفسه بأنه يستر الذنوب ولا يعاقب عليها ؛ إذ لا يلزم من ترك أحدهما ترك الآخر. فمن ثمّ ذكر الوصفين المقتضيين لذينك المعنيين في الدعاء : أسألك العفو والعافية ، أي ترك العقوبة والسلامة. وفي الحديث : «ما أكلت العافية فصدقة» (٢) ، عنى بالعافية طلّاب الرّزق من الطير والوحش والإنس. وقيل فيها : «العوافي» أيضا (٣) من قولك : عفوت فلانا : أتيته أطلب عفوه ، أي معروفه. وأعفيت الشيء : تركته يعفو ويكثر ، ومنه الحديث : «وأعفوا اللّحى» (٤). والعفاء : ما كثر من الوبر والشعر ، وقد يستعار لغيرهما. قال زهير بن أبي سلمى (٥) : [من الوافر]
على آثار من ذهب العفاء
وفي الحديث : «فعلى الدّنيا العفاء» (٦) قيل : الدّروس. وقيل : التراب وعفا الشّعر : كثر. وفي الحديث : «إذا دخل صفر وعفا الوبر» (٧). والعفا (٨) ـ بالقصر ـ : ولد الحمار. ويقال فيه عفو وعفو ـ بالكسر والفتح ـ ، ومنه الحديث : «قد ترك أتانا وعفوا» (٩) والعفاء بالكسر والمدّ نفس الشّعر الذي حلّ به العفاء ، أي الكثرة (١٠). والعافي : ما يردّ مستعير القدر من المرق. قال الشاعر (١١) : [من الطويل]
__________________
(١) ٤٣ / النساء : ٤.
(٢) النهاية : ٣ / ٢٦٦ ، وانظر تمامه.
(٣) وهي رواية ثانية للحديث.
(٤) الحديث في صحيح مسلم ، الطهارة : ٥٤ : «وفّروا اللحى وأحفوا الشوارب». وفي حديث «خر : «أنه أمر بإعفاء اللحى» (النهاية : ٣ / ٢٦٦). ولم يجعله الراغب حديثا.
(٥) عجز لزهير (شعر زهير : ١٢٤) وصدره :
تحمّل أهلها منها فبانوا
(٦) النهاية : ٣ / ٢٦٦ ، من حديث صفوان.
(٧) النهاية : ٣ / ٢٦٦ ، أي كثر وبر الإبل.
(٨) بفتح العين وكسرها ، والعفو ، والعين مثلثة : الجحش (اللسان ـ عفا).
(٩) النهاية : ٣ / ٢٦٧ ، وفيه : «أتانين».
(١٠) يقول ابن منظور : العافي الطويل الشعر ، ويقال للشعر إذا طال ووفى عفاء.
(١١) البيت لمضرّس الأسدي (اللسان ـ مادة عفا). وصدره :
فلا تسأليني واسألي ما خليقتي