ومن كلام عليّ رضي الله عنه : «سبق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصلّى أبو بكر» (١). وقيل : هي مشتقة من الصّلاء ، وهو النار لأنه إذا فعل هذه العبادة فقد درأ عن نفسه الصّلاء ، وهذا مردود بأنّ تلك مادة أخرى كما سيأتي. ويقال : الصّلاة من الله تعالى لعباده تزكية لهم وبركة عليهم. ومن الملائكة استغفار ، ومن الناس الدعاء وهذه العبادة. وقد أتقنّا الكلام على هذه المادة وما قيل فيها بأطول من هذا ، وذكرنا شواهدها في «الدرّ».
قوله تعالى : (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ)(٢) قيل : هي كنائس اليهود يصلّون فيها. وقيل : هي الصّلوات ، وذلك على حذف مضاف أي مواضع صلوات. قيل : وكلّ موضع مدح الله تعالى فعل الصلاة أو حثّ عليه (٣). ذكر ذلك [بلفظ](٤) الإقامة تنبيها أنّ المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها لا الإتيان بهيئتها فقط ، ولهذا روي أنّ المصلين كثير وأنّ المقيمين لها قليل. وقوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ)(٥) أي غافلون عن استحضارها وإن كانوا فيها ؛ فكم من مصلّ قلبه في معاشه وأذى الناس. وفي التفسير : ما تركوها وإنما أخّروها عن وقتها. وكذا قوله : (أَضاعُوا الصَّلاةَ)(٦)(وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى)(٧) تنبيها أنّ فعلهم لها بتكلف لا عن طواعية وذلك لما كانوا يصلّونه تقيّة واتقاء لأنفسهم وذراريّهم وأموالهم كفعل كثير من الناس إن فعلوا. قيل : ولم يقل المصلّين إلا في المفرطين والمنافقين كقوله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ)(٨)(لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)(٩) أي من الذين صلّوا إخلاصا لا نفاقا. وقيل : من أتباع الأنبياء.
__________________
(١) النهاية : ٣ ٥٠. صلّى هنا : جاء ثانيا في السباق. وتمام الحديث : «وثلّث عمر» والثالث في السباق هو المسلّي.
(٢) ٤٠ الحج : ٢٢. صلوات اليهود : كنائسهم (اللسان ـ صلا) وأصلها بالعبرية : صلوتا.
(٣) وفي الأصل : عليها.
(٤) إضافة مناسبة للسياق من المفردات : ٢٨٥.
(٥) ٥ الماعون : ١٠٧.
(٦) ٥٩ مريم : ١٩.
(٧) ٥٤ التوبة : ٩.
(٨) ٤ الماعون : ١٠٧.
(٩) ٤٣ المدثر : ٧٤.