قائمة الکتاب
فصل الألف مع الجيم ، وما يتصل بهما
٦٨
إعدادات
عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ [ ج ١ ]
عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ [ ج ١ ]
تحمیل
كان فاعل لكان مضارعه يؤاجر ومصدره المؤاجرة والإجار ، كضارب يضارب مضاربة أو ضرابا. ولو سلّم أنه يقال كذلك إلا أنّه يجوز أن يكون أجّر أفعل ، وإذا جاز لم يصحّ الفرق. ثم قوله : يقال : أجرت فلانا ، إذا استعان ببك فحميته وقوله : (فَأَجِرْهُ) ، وقوله : (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) ليس من هذه المادّة التي نحن فيها ولا من معناها في شيء البتّة ، بل من مادّة «جور». ولذلك ذكرها في مادّة تيك. وإنّما اشتبه عليه اللفظ في الفعل والمصدر ، حيث قال : أجرت إجارة. والفرق بينهما ، عند من يعرف التصريف ، واضح جدا. وذلك أنّ أجرت بمعنى الإعانة وزنه أفلت مثل أقمت ، وإنما حذفت عين الكلمة لالتقاء الساكنين. وإجارة التي هي مصدره وزنها إفالة ، حذفت العين منها كما حذفت من الفعل كإقامة. والأصل : أجورت إجوارا. فصيّره التصريف إلى ما ترى. وأمّا أجرت الذي نحن فيه فهمزته أصيلة ، ووزنه فعلت ، ومصدره فعالة. وأين هذا من ذاك؟ ولكن قد يذهل الفاضل ، ويدهش العاقل. والأجير فعيل بمعنى فاعل ، وقال الراغب : أو مفاعل ، وهو بناء منه على أنّ آجر فاعل. وقد تقدّم ما فيه.
والاسئتجار طلب الشيء بأجرة ، ثم يعبّر به (١) عن تناول الأجرة ، كاستعارة الاستيجاب كقوله (٢) : [من الطويل]
وداع دعا : هل من يجيب إلى النّدى؟ |
|
فلم يستجبه عند ذاك مجيب |
قيل ؛ وعليه قوله تعالى : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ)(٣) ، وفيه نظر لظهور الطلب فيه بأجرة. ويقال : إيتاجر أي طلب الأجرة ، افتعل منه. وفي الحديث في الأضاحي : «كلوا وادّخروا وائتجروا» (٤) أي واطلبوا الأجر. قال الهرويّ : ويجوز اتّجروا نحو اتّجر ، كذا أصله إيتجر ، فأدغمت الهمزة في التاء. وفي الحديث : «إنّ رجلا دخل المسجد ، وقد قضى النبيّ صلىاللهعليهوسلم صلاته فقال : من يتجر فيقوم فيصلي معه»؟ (٥) قوله : فأدغمت
__________________
(١) وفي الأصل : تعدّيه ، ولعله كما ذكرنا.
(٢) البيت لكعب بن سعد الغنوي من بائية طويلة (الأصمعيات : ٩٦) ، مع اختلاف في أداة الاستفهام.
(٣) ٢٦ / القصص : ٢٨.
(٤) النهاية : ١ / ٢٥.
(٥) النهاية : ١ / ٢٥.